مع الشروق: «حتى آخر جندي أوكراني»

مع الشروق: «حتى آخر جندي أوكراني»

تاريخ النشر : 06:59 - 2022/12/27

يبدو أن الولايات المتحدة بقرارها تزويد أوكرانيا بصواريخ "باتريوت" الدقيقة وعالية التكلفة، مصرّة على قتال موسكو حتى "آخر جندي أوكراني" وبغض النظر أيضا عن تكلفة الحرب لحلفائها الأوروبيين.
يظنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العائد "فرحا مسرورا" من زيارته الخاطفة إلى واشنطن بـ"هدايا الكريسماس" (مساعدات ماليّة وعسكريّة تصل قيمتها إلى حواليّ 50 مليار دولار)، أن واشنطن تهتم حقا لبلاده ولشعبها ولإحلال السلام فيها ووقف ويلات الحرب.


لكن  "السيّد" زيلينسكي يخفى عليه أن كل يوم حرب يعني بالضرورة أرواح بشرية وخسائر في البنية التحتية وموجات نزوح وأن هذا الثمن لا تدفعه أمريكا بل تدفعه أوكرانيا وحدها.
السيناتور الأمريكي ريتشارد بلاك كان واضحا وصريحا منذ البداية في تقييمه للحرب في أوكرانيا عندما قال" أعتقد أن قرار الحرب والسلم يتخذ من واشنطن، طالما أردنا للحرب أن تستمر فنستمر في القتال باستخدام الأوكرانيين كوكلاء ، وسنستمر به حتى آخر جندي أوكراني".


لا شيء يمكن أن يوضّح حقيقة الصراع في اوكرانيا أكثر من هذا التصريح الأمريكي، لذلك يبدو أن واشنطن ستستمر كثيرا ولمدة طويلة في تمويل الحرب لأنها تعرف جيّدا أنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لبوتين.
وصواريخ "باتريوت" لن تغيّر في مسار الحرب كثيرا ، بل هي كعملية إيقاظ تنين من قمقمه وستدفع ببوتين (الذي سخر من منظومة باتريوت ووصفها بالقديمة) وجنرالاته الى الرد بقوة مفرطة وإدخال أسلحة عالية الدقة الى ساحة المعركة، وقد بدأت فعلا في ذلك.


أكثر من ذلك تستعد موسكو لهجوم واسع وضارب في الشرق أو الجنوب وقد يتطوّر الى هجوم شامل يشمل احياء هدف السيطرة على العاصمة كييف بالنظر الى الاستعدادات الحثيثة للروس على الجبهة الشمالية انطلاقا من الجارة بيلاروسيا.
صحيح أن هناك إجماع من كل الخبراء والمحللين الاستراتيجيين أن الحرب هي معركة استنزاف أرادت واشنطن جرّ موسكو إليها جرا وتريد الذهاب فيها الى الآخر لعدم وجود خيار آخر وهذا في حدّ ذاته مأزق لها (واشنطن).


لكن الروس وخاصة بوتين يدرك جيّدا هذا الفخ وهو الذي حرص على استخدام أقل الامكانيات العسكرية في حملته ضدّ اوكرانيا حتى أن تقارير غربية تحدّثت عن عدم احتياج موسكو الى الآن الى مخزونها الاستراتيجي من الأسلحة.
بل بات واضحا أن بوتين يستعدّ بقوة لـ"حملة الربيع" ضدّ اوكرانيا والتي قد تكون حاسمة في الحرب التي بالتأكيد حان الوقت لحسمها في نظر النخبة الروسية ذات النزعة القومية المقربة من الرئيس.


الأمريكان أرادوها حرب استنزاف عسكرية واقتصادية لموسكو، لكن من بدأ في الصراخ أولا هم حلفاء واشنطن الاوروبيين الذي فرّقتهم الحرب يمنة ويسرة ودفعتهم حتى الى أحضان ألد أعداء أمريكا وهي الصين.


والشيء المؤكد الآن أنه كلما سرّعت وزادت واشنطن من وتيرة الدعم المالي والعسكري لنظام كييف كلما كان ذلك دافعا للروس للإصرار على تحقيق أهداف العملية العسكرية في اوكرانيا وكما قال وزير الخارجية الروسي  سيرغي لافروف "على الغرب شاء أم أبى أن يتفاوض".


بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك