مع الشروق.. البستاني العجوز في الحديقة الأوروبية الخرفة

مع الشروق.. البستاني العجوز في الحديقة الأوروبية الخرفة

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/10/20

في بدايات القرن الثامن عشر تم العثور على أحد العبيد في مزرعة جامايكية في البحر الكارييبي بحوزته نبتة بدت لاصحاب المزرعة وهم من البيض الاروبيين ، انها سامة وان هذا الاخير كان يخطط لاحداث الفوضى داخل المزرعة فقاموا بمعاقبته بعنف ووحشية حتى الموت … وبعد تحقيقات علمية تبعت الحادثة تبين ان النبتة استنادا الى الاكتشاف الذي توصل اليه هذا " العبد " لم تكن سامة على الاطلاق بل انها اصبحت لاحقا علاجا لعديد الاصابات و الامراض مثل الثآليل و النمش و الديدان عند الاطفال.
و لعل ما صرّح به مفوض الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل ، مؤخرا من ان " اوروبا حديقة و العالم من حولها ادغال " لا يختلف في الحقيقة عن سلوك اسلافه و موقفهم في حادثة او جريمة جامايكا قبل قرنين ، مؤكدا بذلك ان الغرب لم يتخلص بعد من نظرته العنصرية و الاستعمارية تجاه الشعوب الاخرى ، فكل من هو غير اوروبي هو همجي ومتوحش في نظرهم.
ورغم محاولات الديبلوماسي الاروبي المخضرم التخفيف من حدة كلامه والاعتذار للذين فسروا استعارته على أنها "مركزية أوروبية استعمارية" فان تصريحه لا يزال يثير جدلا و تفاعلا كبيرين ليس في الوطن العربي فحسب و انما في كل دول العالم و خصوصا في ظل تصاعد الصراع بين الغرب و الشرق جراء الحرب الروسية الاوكرانية وتنامي الشعور بالكراهية تجاه الغرب و اساسا الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.
وبالعودة الى تصريح بوريل خلال الكلمة التي ألقاها يوم الخميس 13 أكتوبر الجاري في افتتاح الأكاديمية الأوروبية للدبلوماسية في مدينة بروج البلجيكية قال هذا الاخير "أوروبا حديقة، لقد أنشأنا هذه الحديقة جميعنا... فيها أفضل مزيج من الحرية السياسية والآفاق الاقتصادية والتماسك الاجتماعي ... بقية العالم ليس في الحقيقة حديقة. معظم بقية العالم أدغال، وقد تغزو الأدغال الحديقة". وأضاف أنه يتعين على أوروبا أن تكون منتبهة لمثل هذا الوضع و"تعتني بحديقتها. وشدد على أن بناء الجدران حول أوروبا لن يكون القرار الصائب، مضيفا أنه "من الضروري أن تمتد الحديقة إلى الأدغال".
ولم يكن تصريح بوريل في الحقيقة عفويا او اعتباطيا بل كان مقصودا خصوصا و انه كان يتوجه بخطابه الى ابناء الاكاديمية الاوروبية للديبلوماسية اي ديبلوماسيي اروبا الجدد لتلقينهم معنى الديبلوماسية الاوروبية و كيفية التعامل مع الشعوب و الدول الاخرى التي هي في نظره اقل قيمة بل هي عبارة عن ادغال يعيش فيها همجيون ومتوحشون ، وهو ما دفع بعض القادة في العالم الى الرد عليه و وصف تصريحاته بالعنصرية و الاستعمارية … كما اثارت تصريحاته كل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين وصفوه بالخرف و البستاني العجوز ناعتين اروبا بالحديقة الاوربية " الخرفة " و أن أوروبا على قول المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا أنشأت تلك "الحديقة" من خلال النهب البربري لـ"الغابة" …وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها هذا الديبلوماسي المخضرم اخراج ما في داخله من " حقد وغل " تجاه الشعوب الأخرى ، فبعد الضربات الروسية على رؤوس النازيين الجدد في أوكرانيا ، قال بوريل "حتى الآن ليس لدينا خطة محددة حول كيفية هزيمة روسيا الفاشية ونظامها الفاشي ، سئلت عن هذا، لكن هذه ليست مهمتي، مهمتي أكثر تواضعا وهي مساعدة أوكرانيا"، وهو ما قيل فيما بعد إنه خطأ في الترجمة ، في حينها توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن يكون المفوض الأعلى للسياسية الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى جانب الانقلابيين التابعين للديكتاتور فرانكو …
محسن عبد الرحمان 
 

تعليقات الفيسبوك