مع الشروق.. تونس وصراع الشرعيات في ليبيا

مع الشروق.. تونس وصراع الشرعيات في ليبيا

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/04/26

تعيش ليبيا حاليا حالة من الاضطراب السياسي زاد في تعميقها وتعقيدها وجود حكومتين موازيتين واحدة في الغرب الليبي بقيادة عبد الحميد الدبيبة وأخرى محسوبة على الشرق الليبي بقيادة فتحي باشاغا.
وبينما يصرّ الدبيبة على أنّه رئيس الحكومة الشرعي حتى إجراء انتخابات جديدة، يصرّ معارضوه وخاصة البرلمان الذي كلّف حكومة جديدة يرأسها فتحي باشاغا على انتهاء فترة حكومته بانتهاء الموعد المحدّد لإجراء الانتخابات التي تمّ الفشل في القيام بها.
هذا الصراع الذي اقتصر على التصعيد الداخلي والتهديد باستخدام القوة  من قبل الأطراف المتصارعة ووقف ضخ النفط لإجبار عبد الحميد الدبيبة على الاستقالة، أخذ منحى جديدا ذا بعد إقليمي. فالزيارة التي أداها عبد الحميد الدبيبة الى الجزائر الثلاثاء الماضي أتت بالجديد وحرّكت مياه الدبيبة الراكدة وزادت من أسهمه وبالتالي مزيد تأزيم الوضع المتأزم أصلا في ليبيا منذ أشهر.
ومثّل إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون السبت الماضي استمرار بلاده في الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، ورفضها لخطوة مجلس النواب تعيين حكومة موازية بقيادة فتحي باشاغا، ضربة للأخير وإعادة خلط للأوراق.
صحيح أن الموقف الجزائري لا تحرّكه شرعية الدبيبة فقط وإنما عدم التقارب وعدم الدفء في العلاقات مع رجالات الشرق الليبي وخاصة المشير خليفة حفتر، ولكن يبقى موقفا مؤثرا ومؤشرا آخر على الانقسام الإقليمي والدولي أيضا بخصوص صراع الشرعيات في ليبيا.
الدبيبة الذي شحن شرعيته نسبيا بالموقف الجزائري، يستعدّ لمزيد تثبيتها على أرض الواقع بإعلانه عن زيارة مرتقبة الى تونس مع وفد كبير من المسؤولين الكبار في حكومته حيث سيكون مرفوقا برئيسي الأركان والمخابرات والأمن الداخلي، ووزراء الداخلية والمالية والاقتصاد والثروة البحرية ،ورئيس جهاز الأمن الداخلي ورئيس المؤسسة الليبية للاستثمار.
ورغم الملفات الأمنية والاقتصادية التي قد تطغى على الزيارة، فإن الهدف الرئيسي للدبيبة هو انتزاع موقف رسمي تونسي من حكومته على شاكلة الموقف الجزائري لما يمثّله البلدان من وزن ودور مؤثّر في الأزمة الليبية.
ويبدو أن الدبيبة الذي قابل تونس بنوع من الجفاء والتصريحات غير المسؤولة أحيانا منذ توليه رئاسة حكومة الوحدة الوطنية وحاول تهميشها في الملف الليبي، عاد الآن الى رشده السياسي وفهم جيّدا أنه لا يمكن تجاهل بلد 70 % من الشعب الليبي يعيش على حدوده.
وفي ظلّ دعم مصر لحكومة فتحي باشاغا ودعم الجزائر لحكومة الدبيبة، سيكون الموقف التونسي هو المرجّح لكفّة أحد ما، خاصة أن الزيارة المنتظرة للدبيبة تأتي بعد أيام من تواجد خصمه باشاغا في تونس.
يبقى السؤال هو كيف سيكون الموقف التونسي الذي عرف عنه عدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي والاكتفاء بالدعوى لحل ليبي ليبي بعيدا عن التدخّلات الخارجية وبالتالي الحفاظ على موقف الحياد؟
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك