مع الشروق ..أوكرانيا تتأرجح بين السلام والحرب

مع الشروق ..أوكرانيا تتأرجح بين السلام والحرب

تاريخ النشر : 08:30 - 2022/04/05

بينما أحدثت المفاوضات الجارية في اسطنبول اختراقا مهمّا للأزمة، لا تزال الأمور على الميدان تشهد مواجهات دامية خاصة في مدينة ماريوبول الاستراتيجية إقليم دونباس في مدينتي دونيتسك ولوغانسك.
ورغم تضارب التصريح بين المفاوضين الروس والأوكرانيين الذين شاركوا في مفاوضات اسطنبول، فإن هناك تقدّما ما في مسار المفاوضات بين الطرفين خاصة في ظلّ قبول كييف بكل الشروط الروسية تقريبا.
تبقى فقط مسألة إقليم دونباس وجزيرة القرم التي سيطرت عليها موسكو سنة 2014، والتي ستظلّ المفاوضات حولها متواصلة ربما لعديد السنوات حسب ما أعلن المفاوضون الاوكرانيون.
لكن ما يثير الشكوك حول هذه المفاوضات هو عدم امتلاك الأوكرانيين لقرارهم في ظلّ الضغط الامريكي خاصة عليهم من أجل استغلالهم في استنزاف روسيا والاضرار بصورتها وتسليط مزيد من العقوبات عليها.
فبالنسبة لأمريكا ليس الهدف حماية أوكرانيا وشعبها ووحدة أراضيها بقدر ما هو خلق مستنقع جديد للروس على شاكلة ما حدث للاتحاد السوفياتي في أفغانستان وخروجه المذل الذي كلّفه السقوط.
وبعد أن طوّعت واشنطن زيلينسكي لرغباتها،و دفعت الأوروبيين مكرهين الى تبنّي نفس التمشّي هذا بالإضافة الى الحملة السياسية والاعلامية الكبيرة التي تشنّها ضدّ موسكو وعمليتها العسكرية في أوكرانيا.
ولعلّ آخر ما جادت به هذه الحملات هي اتهام موسكو بارتكاب جريمة حرب في مدينة بوتشا غرب العاصمة كييف رغم نفي الأخيرة وطلبها عقد اجتماع لمجلس الأمن وهو ما رفضته بريطانيا.
هناك حقيقة واضحة اليوم في أوكرانيا وهي أنها "كبش فداء" واشنطن والغرب في سبيل تركيع روسيا و فرض عزلة دولية عليها وجعلها دولة منبوذة للحدّ من طموحاتها نحو عالم متعدّد الأقطاب.
أليس "الناتو" والغرب عموما من دفعوا موسكو مجبرة الى دخول أوكرانيا برفضهم الاستماع اليها والى مخاوفها على أمنها القومي وتوسّع الحلف شرقا لتصبح له حدود ادارية مع روسيا؟
ألم يكن الغرب أنفسهم من أغرقوا اوكرانيا بالسلاح والعتاد والمرتزقة لإطالة أمد الحرب وتدمير البلاد تدميرا كاملا و جرّ موسكو الى مستنقع لا مخرج منه وتثبيت الحجة عليها كدولة وحشية؟.
 ألم يرفض زيلينسكي وفي آخر محاولة للمستشار الألماني اولاف شولتز لتجنّب الحرب كل الاقتراحات التي قدّمها له على غرار تخلي بلده عن السعي للانضمام إلى حلف الناتو، والالتزام بوضع حيادي، ضمن إطار صفقة أوسع بخصوص أمن أوروبا بين الغرب وروسيا؟.
إن ما يحدث اليوم في أوكرانيا هو صورة أخرى بشعة عن التسلّط والهيمنة والغطرسة الأمريكية التي لا تجد أي رادع في قتل نصف شعوب الكرة الأرضية في سبيل الإبقاء على هيمنتها وسيطرتها على العالم.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك