مع الشروق .. حلّ الدولتين يعود إلى الواجهة

مع الشروق .. حلّ الدولتين يعود إلى الواجهة

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/06/08

أعادت المواجهة الأخيرة بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية خيار حل الدولتين الى الواجهة بقوّة كمطلب يحظى بالإجماع الدولي بعد أن همّشته الادارة الامريكية السابقة وأعلنت انحيازها التام للكيان المحتل.
الملاحظ أنه ،وحتى قبل المواجهة الأخيرة، هناك تغيّر في الموقف الرسمي الأمريكي مع قدوم إدارة بايدن التي استأنفت العلاقات بسرعة مع السلطة الفلسطينية وأعادت فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية  عكس ما فعلته ادارة ترامب.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين أبلغ نتنياهو وعباس في زيارة سابقة أن الولايات المتحدة تخطط لإرسال 75 مليون دولار إلى غزة في عام 2021 للمساعدة في إعادة بناء القطاع بعد جولة المواجهة الأخيرة.
بالنسبة الى أمريكا ،خاصة الادارة الحالية التي يقودها الديمقراطيون، فإن حلّ الدولتين ليس أفضل طريقة فحسب وإنما هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام وأساسا تحقيق أمن الكيان الصهيوني  وقيام ما يسمّى الدولة اليهودية.
أما القوى الأوروبية فقد حصلت لديها قناعة بعد المواجهة الأخيرة مفادها أنه دون إقامة دولة فلسطينية فإن الكيان الصهيوني لن ينعم بالسلام أبدا وأن خيار الدولتين أصبح في صالحه أكثر من الفلسطينيين.
هذه التغيّرات الجديدة حول الصراع الفلسطيني الصهيوني طالت أيضا الحياة السياسية في الكيان الصهيوني، حيث أعلمت الحكومة المقبلة مسؤولين كبار في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إنهم يخططون لاستئناف محادثات الوضع النهائي مع السلطة الفلسطينية، على أساس حل الدولتين بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة.
هذا كلّه طبعا بغض النظر عن المواقف العربية التي تذهب في هذا الاتجاه خاصة مبادرة السلام العربية لعام 2002 والتي تقترح إقامة دولة فلسطينية  على حدود 4 جوان 1967 مقابل إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية والكيان الصهيوني.
يبقى السؤال الأهم هو كيف يمكن تطبيق هذا الخيار القديم الجديد على أرض الواقع في ظلّ تشتّت الموقف الفلسطيني وفي ظلّ تعنّت الكيان الصهيوني الذي ابتلع الأراضي الفلسطينية ولم يعد يرضى حتى بمنح 22 % منها لإقامة دولة فلسطينية؟.
المتعارف عليه أن خيار حل الدولتين طرح سابقا وفشل رغم توقيع الزعيم الراحل ياسر عرفات لاتفاق "أوسلو" سنة 1993 معترفا بالتالي بدولة الكيان الصهيوني وبسيادته على 78 % من فلسطين التاريخية.
كما فشل سنة 2003، عندما  قدمت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والتي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة خارطة طريق تنص على إقامة دولة فلسطينية بحلول 2005 مقابل إنهاء الانتفاضة وتجميد الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية.
ربّما قدّ  تغيّر المواجهة الأخيرة المعطيات بما يسمح عمليا بتطبيق حل الدولتين لإنهاء أطول صراع في الشرق الأوسط خاصة بعد أن أصبح للمقاومة "يد طويلة" وبعد أن تغيّر موقف الرأي العام الدولي من هذا الصراع.
لكن الأكيد أن الأزمة السياسية الداخلية التي يعيشها الكيان الآن ستكون محدّدا كبيرا لما ستؤول اليه الامور مستقبلا إما عند انتهاج طريق السلام أو عند اتباع درب المواجهة العسكرية.  
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك