مع الشروق.. حكومة المشيشي... ورهان الجرأة والشجاعة

مع الشروق.. حكومة المشيشي... ورهان الجرأة والشجاعة

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/09/04

لن يكون أداء الحكومة الجديدة ناجعا ولن ينجح في تحقيق الأهداف المرسومة وانتظارات التونسيين ما لم يتحلّ هشام المشيشي وفريقه منذ اليوم الأول بالجرأة والشجاعة والإرادة السياسية في فرض الإصلاحات وتطبيق القانون والقطع مع كل مظاهر الفوضى. فقد أثبتت تجربة السنوات الماضية أن مختلف الحكومات المتعاقبة مارست صلاحياتها بأياد مرتعشة وبارتباك شديد وخوف من ردود الأفعال والحال أن الدستور والقوانين المختلفة تتضمن آليات عديدة لتنظيم الشأن العام بكل نجاعة ودون فسح المجال أمام الفوضويين والمُخالفين والفاسدين ليرتعوا بكل حرّية ويلحقوا أضرارا عديدة بالمصالح الحيوية للبلاد وبمعيشة الشعب.
ويقف الجميع اليوم في تونس على ما خلفته طوال الأعوام الماضية سياسة الأيادي المرتعشة من أضرار كبرى لحقت الاقتصاد الوطني وخزينة الدولة وكان بالإمكان تفاديها لو وقع تطبيق القانون بصرامة. من ذلك مثلا التعطيل المتكرر لإنتاج الثروات الوطنية والفوضى الحاصلة في قطاع التبغ الذي تحوّل من داعم لميزانية الدولة إلى مصدر إثراء غير مشروع لدى "بارونات" الاحتكار والمضاربة. وينطبق ذلك أيضا على ظاهرة التهرب الضريبي التي تحرم ميزانية الدولة سنويا من عائدات هامة دون أن تقدر الدولة على معالجتها رغم معرفتها الجيّدة بالمتهربين، شأنها شأن ظاهرة التهريب والاقتصاد الموازي وكذلك ظاهرة تغول "عصابات" الاحتكار والمضاربة في مجال المواد الاستهلاكية والمعيشية الحساسة وغيرها من المظاهر الأخرى خاصة الفساد والتسيب في الإدارات وعدم توفير خدمات المرفق العام للمواطن بالشكل المطلوب وكذلك انتشار الجريمة..
وما يثير الاستغراب هو أن الدولة مازالت تتعامل مع مختلف هذه المظاهر بصمت مُريب يدفع إلى الشكوك حول وجود تواطؤ من بعض المسؤولين أو من الأطراف السياسية النافذة لتوفير غطاء لأغلب المخالفين والفاسدين قصد مساعدتهم على الإفلات من العقاب عندما يقع التفطن إليهم. فأغلب "عصابات" و"بارونات" الفساد تتحرك على مرأى ومسمع من الجميع وأحيانا يتطوع المجتمع المدني او بعض الحقوقيين والسياسيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لفضح هذه الممارسات وتقديم الدلائل والوثائق لكن الدولة لا تحرّك ساكنا وهو ما أفقد التونسيين الثقة في الحُكّام والمسؤولين.
اليوم، آن الأوان للقطع مع كل مظاهر هشاشة الدولة ومع سياسة الأيادي المرتعشة التي لازمت مختلف الحكومات المتعاقبة وأدت إلى تفاقم مختلف الأوضاع نحو الأسوإ. وهو ما ينتظره التونسيون من حكومة هشام المشيشي الجديدة التي تتكون في أغلبها من أبناء الإدارة الأكثر دراية بمكامن الفوضى والفساد والتسيب ومخالفة القوانين داخلها، ومن رجال قانون يعلمون جيدا أن القانون فوق الجميع وأن تطبيقه بصرامة كفيل بالارتقاء بوضع البلاد نحو مراتب عليا.
ويكفي هشام المشيشي وأعضاء حكومته لتحقيق كل ذلك التحلي منذ اليوم بالشجاعة في تطبيق القانون والجرأة في تنفيذ الإصلاحات والتعبير عن إرادة صارمة وثابتة لوقف الفوضى والتسيب في مختلف المجالات خصوصا أنهم مستقلون ولن يكونوا تحت الضغوطات السياسية والحزبية التي كانت تُركع أعضاء الحكومات السابقين وتحول دونهم وممارسة مهامهم بكل استقلالية وراحة بال.. فأغلب الدول الناجحة اليوم اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا لم تكن لتحقق ذلك  لولا الصرامة في تطبيق القانون على الجميع دون استثناء..
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك