مع الشروق .. فيروسات تنهش لحم الوطن

مع الشروق .. فيروسات تنهش لحم الوطن

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/05/18

في وطني الذي يحارب فيروس كوفيد العنيد... فيروسات صنعت بلا مختبر، فيروسات تأكل من لحم الوطن وتتمعّش من جسم البشر..فيروسات لا يوقف نهمها الحجر الصحي ولا منع التجوال لتمتنع عن شرب دماء مواطن يقبع في آخر الزقاق آملا في حياة أفضل في هذا الوطن..
هم ببساطة المتآمرون عن الوطن، المتواطئون عليه في وضع كوفيد وغير كوفيد.. لا تبحث عنهم كثيرا، فعناوينهم في سيماههم من أثر الاحتكار الاقتصادي والمضاربة السياسية والحزبية... 
بالأمس، التقطوا الحكم الملقى على قارعة الطريق، فأسسوا أحزابا وصنعوا ائتلافات وتكتلات وجبهات وجمعيات وشركات ومؤسسات. وقالوا ما صنعنا هذا إلا من أجل وطن جريح مريض مزّقه نظام سابق يقبض على الشعب بيد من حديد . واليوم قالوا نحن نواجه فيروس كوفيد العنيد وعلى الشعب أن يضحّي ويدفع المزيد... ثمن حياته فالموت بمئات الآلاف خارج الوطن... 
اقتطعوا ما شئتم. فالحياة دون الاقتطاع والجوع عدم، اقتطعوا وضخّوا من دنانير المفقّرين في حسابات السياسيين والمحتكرين والمتآمرين على الوطن حتى لا تذهب معهم ريح حياتنا بفيروس كوفيد العنيد... 
عجبا لحالنا... ونحن نحارب هذا الفيروس الوافد من بعيد. وندفع من شريان الوطن والاقتصاد ودم المواطن لنتجاوز مرحلة رائحة الموت، البعض يستغل حالة الذعر والخوف من مواعيد مع عزرائيل ملتمسا طريقا لنهش الوطن... فهذا سياسي يخطّط لانتخابات مقبلة، وذاك رئيس حزب يبحث عن أمجاد قادمة، وهذا محتكر مضارب يفتش عن دنانير زائدة يسقي بها خمرا «صديقة ساقطة»..
المزاج العام لا يساعد على الضحك. لكن ما يحدث في وطني زمن كورونا مضحك رغم الألم، مواطنون يبحثون عن الرغيف والسميد ومائتي دينار بالبريد، ومحتكر "مستكرش" يخفي أكياس الطحين.. وسياسي لا يعنيه من يجوع ومن يكتنز السميد، المهم يتصدر منابر الإعلام بكمامة تخفي أنانية. ويقدم للجائعين وعودا. ويسجل النقاط على حساب خصم أنهكه صوت ناخب عنيد..
لا تكترث، فكما في وطني محتكرون وانتهازيون وساسة هواة وغوغائيون... في وطني رجال صدقوا ما عاهدوا الوطن عليه.. وفي وطني أكفاء نجحوا في طرد فيروس أنهك أقوى الدول... وفي وطني إطارات طبية وشبه طبية وأمن وجيش وموظفون ومراقبون ومبدعون ومستثمرون وعمال وبلديون ومواطنون اقتسموا رغيفهم مع جار أنهكه جوع الحجر والحظر في هذا الوطن..
وفي وطني منظمات وجمعيات لم تقل " إنا نحن هنا قاعدون " بل حاربت فيروسا وافدا بعثر أوراق العالم ودفع بالسياسيين والاقتصاديين الى مراجعة كل الحسابات. لكنه لم ينجح في تونس مع "بارونات" ليتخلصوا مما جبلوا عليه من نهش لحم الوطن.. 
نحن الآن، بفضل الله، ثم وبفضل كل من صدق ما عاهد الوطن عليه في نهاية النفق في أزمة فيروس اضطرنا الى وضع كمامات تلازمنا إلى حين... لكنه نزع عنا كل الأقنعة... 
راشد شعور

تعليقات الفيسبوك