مع الشروق.. لماذا ساءت أخلاق التونسيين ؟

مع الشروق.. لماذا ساءت أخلاق التونسيين ؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/09/29

يذكر ان الكلام البذيء أو ما يعبر عنه بالكلام الزائد متجذر عند التونسيين حتى ان باي تونس ، احمد باشا باي ، خلال زيارته الى مدينة باريس في اربعينيات القرن التاسع عشر ، كان كلما مر امام معلم او مبنى يثير دهشته يقول كلمة بذيئة مازالت تتردد الى اليوم بين فئة من المجتمع عند التعبير عن الدهشة. 
ورغم اقرار العديد من القوانين الرادعة مازال الكلام البذيء يمثل سمة التونسيين المميزة بل انه تفاقم اكثر و خصوصا في العشرية الاخيرة ، وهو ما يطرح السؤال التالي : 
لماذا ساءت اخلاق التونسيين ؟ 
يقول عالم الاجتماع الراحل منصف وناس في ما معناه ان انتشار النعوت و الأوصاف والأقوال البذيئة عند التونسيين لم تخلق من محض الصدفة بل إنّها كانت نتيجة لوضع عام شهدته البلاد خاصة في القرن 17 و 18 … فالحروب الأهلية أدت لإنتشار الجوع والفقر زد عليهم الأوبئة التي ضربت تونس مرارا و تكرارا … كل هذا خلق لدى التونسيين مزاجا عاما سيئ الفهم من مصيبة لأخرى … 
ولعل ما يحدث اليوم في تونس من انحطاط اخلاقي بين مختلف الفئات الاجتماعية هو من آثار او افرازات احداث او ثورة 14 جانفي 2011 اضف اليها تأزم الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية طيلة العشرية الاخيرة حيث يجمع الخبراء وأساتذة علم الاجتماع السياسى على ان التغير الاخلاقي يصاحب الثورات دوما و ذلك انطلاقاً من الفهم الخاطئ للحرية فى التعبير والتحرر من القيود ، بالإضافة الى حالة الكبت مع غياب التوعية والقانون اللذان يؤديان حتما الى انفجار سلبي فى العلاقات الاجتماعية من نقاشات وحوارات حتى اصبحت ساحات الإعلام وحتى دور التعليم والعبادة تعانى فساد الأخلاق، و يرجع الخبراء المسئولية إلى عدم تطبيق القانون، الذى يعد الحل الأسرع والأقوى فى ضبط الأخلاق داخل المجتمعات، ثم إلى الخطاب الإعلامى والثقافى وغياب القدوة المجتمعية التى تعد مرجعية أخلاقية تقتدى بها فئات المجتمع. 
ولا عجب ان نرى الليلة قبل الماضية مثلا على شاشة التلفزيون ما اقدم عليه الجمهور التونسي في مقابلة تونس و البرازيل حين قام برمي قشور الموز على اللاعبين البرازيليين في ارضية الملعب … كما يظهر  سوء الأخلاق فى تعدى الطلبة على أساتذتهم والطالبات على مدرسيهم فى المدارس والجامعات. ويعود ذلك إلى فشل المؤسسات الاجتماعية (الأسرة والمدرسة) والاعلام والمؤسسة الدينية والمؤسسة الأمنية و القضائية…
ان غياب المحاسبة والمساءلة يؤدى حتما إلى هروب المجرم والفاسد بجريمته ويزيد من انتشار ثقافة العنف الانتقامى والبلطجة. 
الواضح ان الحالة الأخلاقية المتدنية للتونسيين ستستمر حتى يطبق القانون بشكل حاسم، ويتم تجديد الخطاب الإعلامى والفنى والثقافى، مع وجود القدوة الاجتماعية التى تعود بالأخلاق المجتمعية إلى مسارها الصحيح.
محسن عبد الرحمان 

تعليقات الفيسبوك