مع الشروق.. خيــــارات صعبــــة

مع الشروق.. خيــــارات صعبــــة

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/10/19

 وسط مربّع شائك اسمه "التدخّل الخارجي"، يواصل الحلفاء التقليديون لتونس تحرّكاتهم الدقيقة لفهم ما يجري في تونس، قبل اتباع خيارات صعبة ستحدّد مستقبل العلاقة التي يبدو أن رياح التغيير قد هبّت عليها فعلا.
وبعد الجلسة التي خصصتها لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الامريكي لبحث الوضع في تونس الخميس الماضي، يستعد البرلمان الأوروبي هو الآخر لعقد جلسة اليوم الثلاثاء لتدارس نفس الموضوع.
يشترك الطرفان في نفس الهواجس ظاهريا، لكن يختلفان ضمنيا، فالولايات المتحدة لا تدين إجراءات 25 جويلية ولا 22 سبتمبر وانما تطالب بسقف زمني للوضع الاستثنائي وحوار وطني يفضي لانتخابات تشريعية ورئاسية.
أما الاتحاد الأوروبي فتبدو عليه علامات الرفض الصامت لقرارات 22 سبتمبر ويركّز على أهمية فصل السلطات رغم ترحيبه بتشكيل الحكومة الجديدة التي تقودها نجلاء بودن كأول امرأة تونسية وعربية تتولى هذا المنصب.
وبينما تبدو السياسة الأمريكية واضحة نوعا،(سياسة الجزرة والعصا)، في التعامل مع تونس بغية العودة الى المسار الطبيعي من منظورها هي طبعا، لاتزال السياسة الأوروبية غير واضحة المعالم.
فاضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية، يعلم الاتحاد الأوروبي جيّدا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ليس برجل يقبل الاملاءات وهو صعب المراس في ما يخصّ قناعاته التي لا يتنازل عنها أبدا ويتمترس خلف شعبية كبيرة.
والأمر الذي يزيد الخيارات تعقيدا أن التدخّل الخارجي أصبح موضوع الساعة وأمرا حساسا في تونس ويدور حوله سجال كبير قد يضع الامريكيين والاوروبيين أمام وضع يصعب معه حسم خيارات معيّنة.
ويعدّ موقف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أدان مجددا "تمسح بعض الأشخاص المرتبطين باللوبيات وببعض الأطراف السياسية على عتبات السفارات والدول وتحريضها ضد تونس بدعوى الدفاع عن الديمقراطية"، خير مثال على ذلك. في المقابل لا يبدو سعيّد بدوره سيقف مكتوف الأيدي تجاه أي خطوة أمريكية أو أوروبية، واستدعاؤه للسفير الأمريكي الذي أبلغه "استياء الدولة التونسية من إدراج الأوضاع في تونس في جدول أعمال الكونغرس الأمريكي"، ليس الا أولى الخطوات الهادئة.
فعلى الجانب الأمريكي هناك تخوّف من الخيارات البديلة لسعيّد ولتونس ككل، حيث نبّهت لجنة الكونغرس الى "ضرورة التصدي العاجل للنفوذ الصيني والروسي في تونس"، ووقع هنا الاستشهاد بـ"السجاد الأحمر" الذي طرحته تونس أمام شركة هواوي.
وهذا الطرح أصبح مطلوبا بشدة من عديد الشخصيات الوطنية كوزير الخارجية الأسبق المنجي الحامدي التي تطالب بتنويع العلاقات مع القوى الكبرى على غرار الصين وروسيا واليابان والهند وغيرهم.
أما على الجانب الأوروبي الذي تشمله أيضا سياسة تنويع العلاقات، فهناك أيضا ملف الهجرة الذي يؤرق القارة العجوز وكلفها الكثير منذ بداية ما يسمى بـ "الربيع العربي" سنة 2011. وفي المحصلة لا يبدو أن الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي مقبل على اتخاذ قرارات مضرّة بتونس، بل سيكون الاتجاه نحو مدّ يد العون وفي نفس الوقت الضّغط نحو  القيام بما يرونه "عودة للمسار الدستوري".
 بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك