مع الشروق : توسيع الحرب...لأجندات ضيّقة

مع الشروق : توسيع الحرب...لأجندات ضيّقة

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/06/19

في خضم الحرب الدائرة رحاها بين الكيان الصهيوني وإيران، تبرز إلى العلن الأجندات الخبيثة والإجرامية لرئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يواجه عاصفة من التحديات الداخلية والخارجية، فبينما تتصاعد الاتهامات ضدّه بالإبادة الجماعية في غزّة وهو المطلوب في المحاكم الدولية وتلاحقه قضايا الفساد لدى القضاء الإسرائيلي، تعتبر عديد القراءات أن الحرب مع إيران مجرد مناورة بائسة لإنقاذ مستقبله السياسي عبر تحويل الانتباه عن جرائمه في غزّة والبحث عن دعم غربي يرمّم به صورته كمجرم حرب لحربه التوسعية.
فنتنياهو يعيش دون شك فترة عصيبة على المستوى الداخلي، فإلى جانب الانقسامات المجتمعية المتزايدة بسبب الحرب في غزة، يواجه ائتلافه الحكومي الهش خطر الانهيار والسقوط بما في ذلك تمرد الأحزاب المتطرفة بسبب قانون التجنيد الإلزامي للحريديم وملف الرهائن، فضلا عن تحدّ آخر لا يقل أهمية متعلق بقضايا الفساد المتعددة التي تلاحقه والتي تشمل اتهامات بالرشوة والتحيل وخيانة الأمانة والتي قد ترمي به في غياهب السجن.
ويشدد خصوم نتنياهو على تلاعبه بمسألة الحرب في غزة وإطالة أمدها واستخدامها كأداة سياسية من أجل تأجيل محاكماته وصرف الأنظار عن مشاكله القانونية والشخصية بحيث صار يربط بقاءه السياسي في سدة الحكم باستمرار الصراع، وهي سردية صحيحة باعتبار أن دموية نتنياهو وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني صارت سبيله الوحيدة وورقته لإطالة أمد حكمه المشؤوم.
وعلى الصعيد الدولي، يواجه الكيان الغاصب عزلة متزايدة نتيجة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الفلسطينيين الأبرياء في غزة وقتله المتعمد للنساء والأطفال والشيوخ وهو ما أدى إلى إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة اعتقال ضد رئيس وزراء الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك استخدام سلاح التجويع، كما رفعت جنوب افريقيا دعوى قضائية ضد الكيان المحتل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية والتي أمرت بموجبها المحكمة إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع الإبادة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
وفي ظل هذا الضغط الهائل، تبدو الحرب على إيران وكأنها محاولة محسوبة من نتنياهو لتحويل التركيز العالمي عما يمارسه من إبادة ممنهجة في غزّة، فبمجرد انطلاق القصف الصهيوني على إيران تحوّلت عناوين الأخبار من مأساة غزة إلى خطر نشوب حرب إقليمية أوسع في تحول يعدّ جزء من استراتيجية رئيس الوزراء الصهيوني لاستخدام الحرب لتغيير الخطاب العام والهروب من الضغوط الدولية.  
ويسعى نتنياهو من خلال هذه الحرب إلى لملمة صورته المهترئة واسترجاع الدعم الغربي له وخاصة من القوى الاستعمارية باللعب على شعارات ممجوجة من قبيل الدفاع عن الديمقراطية الغربية والعالم المتحضر ضد إيران مع جرّ الولايات المتحدة إلى الصراع عسكريا، وهو ما سيساهم في نفخ النار على سيناريو إشعال المنطقة أكثر بما يمنح نتنياهو مساحة سياسية لمواصلة حكمه والاستمرار في طموحاته "الإبادية" الإجرامية تحت شعارات كاذبة وموهومة.
ولا شكّ أن الحرب في إيران مغامرة خطيرة ليس على مستقبل المنطقة فحسب بل على السلم والأمن الدوليين من أجل خدمة مصالح نتنياهو السياسية لا غير من خلال إشعال جبهات جديدة لإلهاء العالم عن جرائمه في غزّة، وهو ما سيكون له عواقب وخيمة بما يستوجب من المجتمع الدولي أن يرى بوضوح هذه الخزعبلات السياسية وأن يرفض الانجرار إلى حرب لا تخدم سوى مصالح شخصية على حساب أرواح الأبرياء واستقرار المنطقة.
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك