مع الشروق : السلاح النووي في خدمة البشرية !
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/10
في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، يتكرر الحديث من حين الى آخر عن خطر الرؤوس النووية التي تمثل تهديدًا عالميًا خطيرًا لا تضاهيه اية خطورة توصلت اليها البشرية.
فاستخدام السلاح النووي، وكما هو معلوم ، مهما كان محدودا أو جزئيا، سيؤدي إلى تدمير لا يقتصر على طرف واحد فقط او دولة واحدة، بل سيمتد دماره ليشمل كل القوى القائمة مهما كانت قوتها، مما يعني ان أي نزاع مسلح يحصل قد يهدد البشرية جمعاء ،لذا ورغم تصاعد التوترات والاشتباكات المتزايدة، من المتوقع أن يبقى «الزر النووي» خارج الساحة المباشرة للصراع خلافا لما يتوقعه البعض.
فهذا السلاح، الذي خلق أساسًا للهيبة والقوة والسيادة وحتى الغطرسة، فرض ، ودون قصد ربما ، قيودا صارمة على القوى الكبرى لا يمكن تجاهلها ، فقد خلق توازنًا غريبًا يعرف اليوم بـ»توازن الرعب»، وهو نوع من توازن القوى يعتمد على مخاوف عدم استخدام هذا السلاح لما قد يترتب عنه من دمار شامل.
ان تطورات الأحداث في أوروبا الشرقية توضح هذا الواقع المعقد بشدة، ففي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لتزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى، يأتي رد موسكو بخطابات حادة وتذكير دائم بالقدرة النووية الروسية دون تجاوز تلك الحدود التي قد تؤدي إلى تصعيد نووي مباشر، فهذا التهديد النووي، رغم أنه يبدو جنونًا في الظاهر، إلا أنه يحمل رسالة واضحة لكل الأطراف: أي تصعيد عسكري غير معتاد قد يتحول إلى أزمة ودمار عالمي يصعب التحكم فيه.
العالم يدرك اليوم تماما أن القوة الحقيقية لم تعد متعلقة بعدد الصواريخ أو الرؤوس النووية التي تمتلكها الدول، بل تكمن في الحكمة في عدم استخدامها وخلق توازن يحفظ نوعًا من الاستقرار الدولي، رغم هشاشته. وقد أثبتت الحرب الروسية الأوكرانية هذه الحقيقة بشكل واضح أمام الجميع في هذه السنوات من هذا القرن.
فالمفارقة الأساسية التي نعيشها اليوم تقول أن السلاح النووي، الذي صنع أصلا لإيقاع الدمار الشامل بالعدو، تحول إلى الحارس الأساسي لبقائه ، ونظرية الردع النووي مبنية على فكرة بسيطة لكنها مذهلة: طالما أن كل طرف يمتلك القدرة على تدمير الآخر تدميرا كاملا، فلم يعد أي طرف يجازف بالهجوم .
هذا المفهوم دفع بالقوى العظمى وحتى المتصارعة منها إلى إنشاء آليات اتصال مباشرة، مثل «الخط الساخن»، بغرض إدارة الأزمات وتجنب سوء التقدير الذي قد يؤدي الى كارثة نووية.
ومع زيادة عدد الدول التي تمتلك السلاح النووي، مثل كوريا الشمالية، ازداد تعقيد المشهد وزادت مخاطر التوتر، لكن الرؤوس النووية ظلت مانعا قويا يمنع أي طرف من اللجوء إلى «الفعل المجنون»، بالتالي تحولت الرؤوس النووية من أداة حرب إلى «سلاح ردع استراتيجي»، أو سلاح خوف، يردع العالم ويواجه أي دمار محتمل، ويسهم بالتالي في منع نشوب حرب عالمية جديدة .
الحرب قد تستمر في هذه المناطق الساخنة، لكن « الزر النووي سيبقى خارج الخدمة وساحة القتال مباشرة، حفاظًا على توازن القوى بين القوى العظمى.صحيح أن الردع النووي قد ينقذ العالم من حرب عالمية ثالثة مباشرة، لكنه جعل البشرية تعيش في حالة خوف دائم. فسلامنا الآن ليس سلام المحبة والتفاهم، بل سلام الرعب ، سلام مرّ، لكنه يحافظ على الحياة بفضل هذا التوازن المرعب.
راشد شعور
في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، يتكرر الحديث من حين الى آخر عن خطر الرؤوس النووية التي تمثل تهديدًا عالميًا خطيرًا لا تضاهيه اية خطورة توصلت اليها البشرية.
فاستخدام السلاح النووي، وكما هو معلوم ، مهما كان محدودا أو جزئيا، سيؤدي إلى تدمير لا يقتصر على طرف واحد فقط او دولة واحدة، بل سيمتد دماره ليشمل كل القوى القائمة مهما كانت قوتها، مما يعني ان أي نزاع مسلح يحصل قد يهدد البشرية جمعاء ،لذا ورغم تصاعد التوترات والاشتباكات المتزايدة، من المتوقع أن يبقى «الزر النووي» خارج الساحة المباشرة للصراع خلافا لما يتوقعه البعض.
فهذا السلاح، الذي خلق أساسًا للهيبة والقوة والسيادة وحتى الغطرسة، فرض ، ودون قصد ربما ، قيودا صارمة على القوى الكبرى لا يمكن تجاهلها ، فقد خلق توازنًا غريبًا يعرف اليوم بـ»توازن الرعب»، وهو نوع من توازن القوى يعتمد على مخاوف عدم استخدام هذا السلاح لما قد يترتب عنه من دمار شامل.
ان تطورات الأحداث في أوروبا الشرقية توضح هذا الواقع المعقد بشدة، ففي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لتزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى، يأتي رد موسكو بخطابات حادة وتذكير دائم بالقدرة النووية الروسية دون تجاوز تلك الحدود التي قد تؤدي إلى تصعيد نووي مباشر، فهذا التهديد النووي، رغم أنه يبدو جنونًا في الظاهر، إلا أنه يحمل رسالة واضحة لكل الأطراف: أي تصعيد عسكري غير معتاد قد يتحول إلى أزمة ودمار عالمي يصعب التحكم فيه.
العالم يدرك اليوم تماما أن القوة الحقيقية لم تعد متعلقة بعدد الصواريخ أو الرؤوس النووية التي تمتلكها الدول، بل تكمن في الحكمة في عدم استخدامها وخلق توازن يحفظ نوعًا من الاستقرار الدولي، رغم هشاشته. وقد أثبتت الحرب الروسية الأوكرانية هذه الحقيقة بشكل واضح أمام الجميع في هذه السنوات من هذا القرن.
فالمفارقة الأساسية التي نعيشها اليوم تقول أن السلاح النووي، الذي صنع أصلا لإيقاع الدمار الشامل بالعدو، تحول إلى الحارس الأساسي لبقائه ، ونظرية الردع النووي مبنية على فكرة بسيطة لكنها مذهلة: طالما أن كل طرف يمتلك القدرة على تدمير الآخر تدميرا كاملا، فلم يعد أي طرف يجازف بالهجوم .
هذا المفهوم دفع بالقوى العظمى وحتى المتصارعة منها إلى إنشاء آليات اتصال مباشرة، مثل «الخط الساخن»، بغرض إدارة الأزمات وتجنب سوء التقدير الذي قد يؤدي الى كارثة نووية.
ومع زيادة عدد الدول التي تمتلك السلاح النووي، مثل كوريا الشمالية، ازداد تعقيد المشهد وزادت مخاطر التوتر، لكن الرؤوس النووية ظلت مانعا قويا يمنع أي طرف من اللجوء إلى «الفعل المجنون»، بالتالي تحولت الرؤوس النووية من أداة حرب إلى «سلاح ردع استراتيجي»، أو سلاح خوف، يردع العالم ويواجه أي دمار محتمل، ويسهم بالتالي في منع نشوب حرب عالمية جديدة .
الحرب قد تستمر في هذه المناطق الساخنة، لكن « الزر النووي سيبقى خارج الخدمة وساحة القتال مباشرة، حفاظًا على توازن القوى بين القوى العظمى.صحيح أن الردع النووي قد ينقذ العالم من حرب عالمية ثالثة مباشرة، لكنه جعل البشرية تعيش في حالة خوف دائم. فسلامنا الآن ليس سلام المحبة والتفاهم، بل سلام الرعب ، سلام مرّ، لكنه يحافظ على الحياة بفضل هذا التوازن المرعب.
راشد شعور