مع الشروق .. الأوطان لا تبنى...بالإقصاء !

مع الشروق .. الأوطان لا تبنى...بالإقصاء !

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/05/31

أخيرا تمخّض جبل لجنة 6 + 6  الليبية والتي أنهت أشغالها في المغرب الأقصى فولد طبخة انتخابية على مقاس أطراف فاعلة في الساحة السياسية والعسكرية الليبية. الطبخة تسمح للمشير حفتر بالاشتراك في الانتخابات لكنها تفتح له أبواب العودة إلى موقعه في حال فشل في العملية الانتخابية. الطبخة تسمح أيضا لمزدوجي الجنسية بالاشتراك في العملية الانتخابية ولا تجبرهم على التخلي عن جنسيتهم الثانية إلا في حالة الفوز أو المرورإلى الدور الثاني.. لكن هذه الطبخة تقطع الطريق على مشاركة سيف الاسلام القذافي وتقصيه من حقه في المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يهم الشعب الليبي كله.
هذا الاقصاء يطرح أكثر من سؤال ويثير أكثر من مفارقة. فهل من المصادفة أن يتماهى هذا القرار بالكامل مع رغبات بل مع طلبات الطرفين الأمريكي والبريطاني اللذين «أفتيا» قبل أيام بعدم أحقية سيف الاسلام بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأصدرا قرارا يطالب بإقصائه من المشاركة بتعلات واهية لكنها تنمّ عن صلف ما بعده صلف وعن تدخل سافر في شأن ليبي داخلي يفترض أنه يعني الشعب الليبي أولا وأخيرا  وكذلك عن رغبة مفضوحة في ابتراز رمز من رموز الحياة السياسية في ليبيا؟ وهل تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية وهي تقصي فصيلا هاما من الشعب الليبي ولعله الفصيل الأهم من المشاركة وتقطع طريق المشاركة أمام مرشح هذا الفصيل الذي يحظى بتأييد كبير داخل شرائح كبيرة من الشعب الليبي باتت ترى فيه أمل الانقاذ والاستقرار في بلد أدمته الصراعات واقتتال المليشيات؟ وهل يمكن أن تفضي انتخابات تقصي فصيلا هاما من الشعب الليبي وتقصي أهم رموز الحياة السياسية في البلاد وهو الدكتور سيف الاسلام القذافي إلى الاستقرار المنشود وهل تؤسس لطي صفحة الماضي الدامية ولفتح صفحة جديدة ترسم مستقبلا يسوده الوئام والاستقرار والسلام ويريح الشعب الليبي من كابوس الفوضى والاقتتال وانفلات السلاح الذي تكلم مجددا في الأيام الأخيرة بين فرقاء ما انفكوا يختلفون ويتناحرون على اقتسام الغنيمة على مرأى ومسمع من كل الأطراف الدولية التي تفتح لهم سبل المشاركة في الانتخابات فيما تحرّض على قطع السبيل أمام الطرف الوحيد الذي لم يتورط في تقتيل الليبيين.
وهنا نجد أنفسنا مباشرة أمام أم المفارقات. فكيف يقصى سيف الاسلام ويحكم على أهم فصيل في الشعب الليبي بالجلوس على الربوة والاكتفاء بمشاهدة ميليشيات وصنائع لأطراف اقليمية ودولية وهي تساهم في رسم مستقبل ليبيا فيما يحرم هذا الفصيل من حقه في المشاركة؟ وكيف يحرم من المشاركة السياسية الطرف الوحيد الذي لم تتلوث يداه بدماء الليبيين ولم يرفع السلاح بالمرة في وجه أي طرف ليبي رغم الظلم الكبير الذي سلّط على أبنائه وعلى قبائله ورغم الغبن الكبير الذي لحقهم نتيجة اقصائهم طيلة العشرية الماضية، وما لحقهم من تضييق على أرزاقهم وعلى قوت يومهم؟
إن هذا الاقصاء وهذه المخرجات التي تمخضت عنها اجتماعات لجنة  6 + 6 بالمغرب الأقصى تعدّ أكبر دليل على نوايا الأطراف التي صاغتها وكذلك الأطراف التي ضغطت ووجهت وسحبت الخيوط من وراء الحجب.. وهي نوايا وإرادات خططت لإقصاء فصيل وطني لم يتورّط في الدم الليبي ويمثل أصل الخلاص لأكبر شرائح الشعب الليبي وبات يمثل أصل الخلاص والانقاذ من كابوس الفوضى والسلاح والضياع. وكل هذه نوايا لا تضمر الخير للشعب الليبي لأن طبخة بهذا الخبث وبهذا السوء وبهذه الرداءة سوف لن تفضي إلى استقرار الأمور على الساحة الليبية.. ببساطة لأن الاقصاء لا يبني الثقة وبلا ثقة لا تبنى الأوطان.. والرجاء أن يتفطن المخلصون والوطنيون في الشقيقة ليبيا فيعمدوا إلى اصلاح هذا الخطإ الجسيم وإلى نزع فتائل هذا اللغم الخطير الذي يؤسس لتفجير الأوضاع.. ولا يفضي إلى استقرار يقتلع الأزمة الليبية من جذورها.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك