مع الشروق ..اتفاق الهدنة... وبعد ؟

مع الشروق ..اتفاق الهدنة... وبعد ؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/11/23

أكثر من شهر ونيف من القصف العشوائي الصهيوني على المدنيين الفلسطينيين العزّل دون أن تحقق منه إسرائيل أية مكاسب موضوعية أو حقيقية غير إضافة المزيد من فصول الوحشية إلى سجلها الحافل بالجرائم منذ نشأتها إثر وعد بلفور المشؤوم لتأتي حرب غزة وتكشف مرة أخرى إلى العالم حقيقة الكيان المحتل الذي لا يقيم وزنا لأية قوانين دولية أو معايير إنسانية أو حقوق كونية وكل ما يعنيه هو إشباع غريزة الانتقام لديه.
كل تلك الصواريخ والأسابيع من التقتيل والتدمير الممنهجين لم تشفع له لتحقيق أي من أهدافه في إنهاء المقاومة الفلسطينية وإعادة رهائنه الذين تحتجزهم حماس وهو يأتي اليوم صاغرا لهدنة مؤقتة بصياغة مصرية قطرية وبشروط أملاها الطرف الفلسطيني من أجل استرجاع 50 من النساء والأطفال الإسرائيليين مقابل الإفراج عن 150 من الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال دون سن 19 وفق الأقدمية.
وشمل الاتفاق المذكور جملة من البنود الأخرى من أهمها وقف إطلاق النار لأربعة أيام في جميع مناطق غزة مع وقف حركة الآليات المتوغلة ووقف حركة الطيران في الجنوب طوال مدّة الهدنة ووقفها في الشمال من 10 صباحا إلى 4 ظهرا، علاوة على إدخال المئات من شاحنات المساعدات والوقود وعدم التعرض أو اعتقال أحد في جميع مناطق القطاع وضمان حرية حركة المواطنين من الشمال إلى الجنوب.
ولا شكّ أن الهدنة المذكورة تخدم في المقام الأول الجانب الإنساني خصوصا وأن المتضرر الأكبر هو الشعب الفلسطيني الذي يدفع فاتورة الصلف والإجرام الصهيوني من أرواحه وأملاكه وهو يواجه مخطط التهجير الإسرائيلي تحت ذريعة حق إسرائيل الشرعي في الدفاع عن النفس بعد عملية طوفان الأقصى ولكنها تمثّل في عمقها هزيمة مكتملة المعالم للكيان الغاصب الذي لم يكن لينصاع إليها إذا ما كان قادرا ولو بنسبة مائوية ضعيفة على تحقيق الحدّ الأدنى من أهدافه في هذه المعركة.
فعقلية الغطرسة الصهيونية كانت ومنذ إطلاق العدوان الغاشم ضد المدنيين الفلسطينيين العزّل في غزة تعتبر أن الحديث عن وقف إطلاق النار ولو كان جزئيا والذهاب نحو هدنة مؤقتة هو في جوهره انتصار للمقاومة الفلسطينية وها هي إسرائيل تنصاع اليوم إلى هذا السيناريو صاغرة بعد صمود المقاومة والخسائر المتلاحقة عدة وعتادا والانهيار الاقتصادي وتآكل الدعم الدولي لها بعد أن خسرت الحرب الاتصالية وتدفقت المسيرات الحاشدة بمئات الآلاف يوميا في كبرى المدن الغربية تنديدا بممارسات جيش الاحتلال وجرائمه التي فاقت كل الحدود.
ويبقى من المهم اليوم البناء على هذا الاتفاق المهم والاستفادة من اللحظة الراهنة مع عودة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث بعد مساعي وأدها لأكثر من عقد من الزمان وتوفر مزاج شعبي دولي رافض لجرائم الكيان المحتل وضاغط على حكوماته والدفع نحو إنهاء حالة الاحتلال البغيض الذي يتعرض له الفلسطينيون منذ أكثر من سبعة عقود والذهاب نحو حلّ لهذه المأساة الإنسانية المتواصلة لأن استمرار الحال على ما هو عليه سيجعل السلم والأمن الدوليين  هشّا.
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك