مع الشروق : أمريكا تضرب.. و«الحسين» لن يسقط!

مع الشروق : أمريكا تضرب.. و«الحسين» لن يسقط!

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/06/23

استفاق العالم فجر أمس على وقع ضربة أمريكية غير متوقعة استهدفت مفاعلات نووية حساسة في مواقع "فوردو" و"نطنز" و"أصفهان" في إيران، ما شكل مفاجأة على صعيد التوقيت وطريقة التنفيذ، فالرئيس ترامب، الذي أعلن قبل أسبوعين أنه سيحسم قراره "قريباً"، بدا وكأنه يلوّح ويهدد أكثر مما ينوي التنفيذ الحقيقي، لكن ما جرى حوّل الرئيس الامريكي التهديد إلى فعل حقيقي فجّر صدمة قوية اعتز لها العالم.
لم تكن الضربة الأمريكية التي وصفت بالدقيقة مجرد استهداف لمواقع عسكرية تقليدية أو منشآت استراتيجية عادية، بل شملت ضرب مفاعلات نووية بالغة الحساسية في خطوة عسكرية تحمل في ظاهرها استعراضاً لقوة أمريكا وحضورها الميداني في عمق إيران.
هذه الخطوة لا تهدف فقط إلى تدمير منشآت نووية اقلقت امريكا والدول الحليفة لها، بل هي رسالة واضحة ومباشرة بأن واشنطن التي اختارت التصعيد والضرب في العمق دون انتظار تفاهمات أو تسويات حتى لو أدى ذلك إلى أزمات بيئية وبشرية كارثية، أو دفع بالمنطقة نحو حافة حرب عالمية ثالثة.
هذه الضربات لا يمكن فصلها عن السياق الميداني والواقع العسكري في المنطقة، فإيران تخوض  مواجهة عسكرية شديدة مع الكيان الصهيوني الغاشم،  مواجهة شرسة وقوية لم تكن تل أبيب تتوقعها بهذا الحجم والحدة ، فقد تمكنت طهران خلال الأيام الماضية من توجيه ضربات نوعية إلى داخل العمق الإسرائيلي الغاشم، ضربات أربكت الكيان وزعزعت توازنه الأمني والعسكري الذي كان يتباهى به ويعتبره حصناً منيعا.
الضربات الأمريكية الثلاث التي وقعت أمس،  قوية ومخادعة في آن واحد ..ضربات تهدف إلى فرض واقع جديد يخفي وراءه استراتيجيات أعمق وأبعد مدى.
فهذا التحرك الأمريكي المفاجئ يهدف بلا شك الى إعادة رسم موازين القوى في المنطقة لصالح الدولة الغاصبة، كما يسعى إلى منع إيران من امتلاك القنبلة النووية بأي ثمن، كما يرسم موازين جديدة في المعادلة الإقليمية المضطربة أصلاً.
لكن الوقائع تؤكد أنه في كل مرة تراهن واشنطن على "لجم" إيران بالقوة العسكرية، تخطئ في حساباتها مع أحفاد الحسين،  فإيران ورغم الجراح العميقة التي تلقتها، أثبتت مراراً قدرتها على امتصاص الضربات وتحويل الخسائر إلى أوراق ضغط سياسية وعسكرية واستراتيجية.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية تراهن على إرهاق إيران عبر العقوبات الاقتصادية تارة،  والضربات العسكرية تارة أخرى، فهي تغفل حقيقة هامة تقول  أن إيران باتت تلعب على مسرح واسع لا يقتصر على جغرافيا محددة، ولا يمكن ردعها بضربات غادرة.
الضربة الأمريكية، مهما علا صخبها وإثارتها للجدل، لن تغيّر موازين القوى ما لم ترافقها رؤية سياسية أعمق تقوم على العدالة العالمية ، رؤية يبدو أنها غائبة حالياً في البيت الأبيض في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ المنطقة والعالم ككل.
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم وغداً بعد هذا التدخل الامريكي المباشر في الحرب الايرانية الاسرائيلية : هل ستردّ إيران؟ وكيف سيكون شكل الرد؟ ومتى وأين؟..وهل من تحرك لروسيا والصين بعد هذه الضربة المخادعة  للجميع؟
راشد شعور
 

تعليقات الفيسبوك