مع الشروق...محاسبة المتواطئين قبل الفاسدين .. لتجفيف منابع الفساد

مع الشروق...محاسبة المتواطئين قبل الفاسدين .. لتجفيف منابع الفساد

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/09/26

رغم التوجه الأخير نحو محاربة مختلف مظاهر الفساد والاحتكار وغيرها من الممارسات المخالفة للقانون التي انتشرت بشكل مهول في السنوات الاخيرة، إلا ان ذلك مازال غير كاف في ظل تمادي كثيرين في ارتكاب المحظور الى حدّ اليوم وعدم الارتداع، بل أن بعضهم زاد في نسق التجاوزات على مرأى ومسمع من الجميع واستقوى على الدولة وعلى أجهزة الرقابة..  
وقد اتضح مع تقدم الوقت ان الناشطين في مجال الفساد والاحتكار والمضاربة بقوت المواطن وغيره لا يمكنهم التحرك دون الاستناد الى أطراف نافذة في مختلف هياكل الدولة تسهل مهامهم وتمنحهم مختلف أنواع التراخيص لتعاطي الانشطة المشبوهة، وهذه الاطراف النافذة تستند بدورها الى جهات سياسية فاعلة توفر لها غطاء للإفلات من المراقبة والعقاب..
وكشفت عديد الجرائم والتجاوزات المرتكبة في هذا الإطار عن تورط عديد الاطراف المتواطئة من مسؤولين وموظفين واداريين ووزراء ومسؤولين جهويين ومحليين استغلوا في السنوات الاخيرة نفوذهم وقربهم من الأحزاب الفاعلة ليسهلوا مهمة الفاسدين و المحتكرين والمضاربين و المتهربين من الضريبة والمُهربين ويستفيدوا في المقابل من الرشاوى والعمولات المختلفة .
وعادة ما يستغل هؤلاء هشاشة الدولة التي أصبحت سائدة في السنوات الأخيرة وكذلك ضعف الرقابة داخل إداراتهم وعدم تشدد القضاء في محاسبتهم للتمادي في ارتكاب جرائمهم. ويحصل كل ذلك رغم وجود ترسانة من القوانين وعشرات الأجهزة والهيئات الرقابية الموزعة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومختلف الوزارات إلى جانب الهيئات الأخرى على غرار محكمة المحاسبات وهيئة مكافحة الفساد.
وطوال السنوات الماضية تكبدت البلاد خسائر عديدة بسبب هذه الممارسات وفقدت خزينة الدولة بشكل مباشر او غير مباشر اموالا كثيرة جراء مختلف التجاوزات. كما تضرر الاقتصاد الوطني من ذلك بسبب ما تخلفه هذه الممارسات من منافسة غير شريفة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين واضرار بالصغار منهم. أما المتضرر الاكبر فكان المواطن الذي اصبح يعاني غلاء الأسعار وندرة السلع وتردي الخدمات العمومية..
وما زاد الطين بلة هو تواصل اعتماد الدولة على أساليب تقليدية للرقابة يسهل اختراقها وعدم الاعتماد على الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة التي بإمكانها التقليص من التجاوزات لو يقع تعميمها على مختلف اجهزة الدولة وعلى مختلف المعاملات والتقليص من المعاملات الورقية التي عادة ما تسهل الفساد والتجاوزات. فأغلب دول العالم وضعت هذه المقاربة الجديدة للتقليص من الفساد ومن مختلف التجاوزات لكن تونس مازالت إلى حد الآن بعيدة عن هذا التوجه..
إن الحرب التي أعلنها الرئيس قيس سعيد مؤخرا على الفساد وعلى المحتكرين والمضاربين المتلاعبين بقوت المواطن و المتهربين من الضريبة وعلى اصحاب الثروات المشبوهة لا يمكن أن تنجح دون تجفيف منابع الفساد داخل الإدارات ومختلف هياكل الدولة التي عادة ما تسهل مهام الفاسدين وتمنحهم الضوء الاخضر وتوفر لهم غطاء للافلات من العقاب والمراقبة خصوصا انها مازالت تنشط الى اليوم.. وهو ما على الدولة الانتباه له اليوم أكثر من أي وقت مضى لان القبض على الفاسدين وايداعهم السجون او تخطئتهم وحجز بضائعهم وأموالهم لا يكفي إذا ما تواصل بقاء " المتواطئين" داخل الإدارات وهياكل الدولة وتماديهم في النشاط دون حسيب أو رقيب..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك