مع الشروق..مترو صفاقس... والمشاريع المعطلة خلال «سنوات الضياع»
تاريخ النشر : 07:00 - 2022/06/19
بقدر ما كان خبر إعلان شركة مترو صفاقس عن موافقة وزارة المالية رسميّا على تمويل المشروع مفرحا لأهالي عاصمة الجنوب وللتونسيين بشكل عام، بقدر ما بدا مثيرا للامتعاض والحسرة حول أسباب تعطل مشروع كهذا على امتداد أكثر من 7 سنوات. فمترو صفاقس، شانه شان عشرات المشاريع الأخرى التي صدرت بشأنها منذ سنوات النصوص التشريعية اللازمة ووقع احداث شركات وهياكل عمومية ومؤسسات خصيصا لإدارتها وتنفيذها وحصلت الدولة على القروض والتمويلات والمساعدات من أطراف خارجية لانجازها، عطّلته طيلة الأعوام الماضية أياد خفية داخل الدولة وعطله غياب الجديّة والتهاون في تنفيذه.
قبل نحو 7 سنوات تم إحداث شركة المترو الخفيف بصفاقس في 23 جويلية 2015. وفي 28 مارس 2016، تمت تسمية الرئيس المدير العام للشركة قبل ان ينعقد الاجتماع الأوّل لمجلس إدارتها بتاريخ 17 ماي 2016. غير أن مرور هذه السنوات لم يُحرك ساكنا لدى الحكومات المتعاقبة ولدى المسؤولين الذين تداولوا على مختلف الوزارات والمناصب في البلاد ليعجلوا بإنجاز المشروع رغم أن الشركة كانت قائمة الذات وتُخصص لها اعتمادات ونفقات من المال العام.
7 سنوات كاملة كانت تكفي لإنجاز شبكات مترو في أغلب الولايات الكبرى بالبلاد وليس في صفاقس فقط.. وكانت كافية لانجاز شبكة خطوط حديدية تربط بين أغلب جهات البلاد في كل الاتجاهات، ولانجاز شبكة طرقات سيارة تشق البلاد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.. غير أن اهتمامات أغلب من تداولوا خلال الأعوام الماضية على الحكم وعلى مختلف الوزارات والمسؤوليات الكبرى كانت منشغلة بـ "المشاريع السياسية والحزبية" وبمشاريع شبكات الفساد والتحيل وشبكات الاستيلاء على المال العام، فأضاعت البلاد بذلك وقتا طويلا وضاعت معه المشاريع التنموية الكبرى التي كان من المفروض إنجازها ..
ما الذي كان يمنع وزراء المالية ورؤساء الحكومات منذ 2015 إلى اليوم من الموافقة على تمويل مشروع مترو صفاقس وغيره من المشاريع المعطلة الأخرى؟ هل كانت الوضعية المالية للدولة أكثر صعوبة من اليوم؟ وهل كانت الدولة طوال تلك السنوات أكثر تداينا من اليوم؟ طبعا لا، إنما كانت تنقص مسؤوليها الإرادة السياسية والرغبة في خدمة المصلحة العمومية وفي الاقتداء ببقية الدول للاعتناء بالمجال التنموي والاقتصادي.. وفي المقابل اكتفى مسؤولو تلك السنوات بالتعبير عن "إرادة" كبرى لخدمة المصالح السياسية والحزبية والشخصية الضيقة وللصراع حول كراسي السلطة على حساب الصالح العام..
اليوم توجد في تونس عديد المشاريع العمومية المعطلة، بعضها يعود إلى أواخر حقبة الرئيس السابق بن علي، والبعض الآخر لبداية العشرية المنقضية. فمشروع الشبكة الحديدية السريعة في العاصمة معطل منذ أكثر من 10 سنوات شأنه شأن مشاريع الطرقات السيارة والسكك الحديدية في اتجاه المناطق الداخلية ومشاريع الطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر وتجديد أسطول النقل العمومي ومشاريع تهيئة الأحياء السكنية ومشاريع مد قنوات التطهير والتوقي من الفيضانات ومشاريع بيئية عديدة ومشاريع مؤسسات تربوية وجامعية ومستشفيات وغيرها، فضلا عن المشاريع الصناعية والخدماتية الكبرى التي كان من المفروض إنجازها منذ 2011 إلى اليوم.
وباجماع المختصين والخبراء، فقد حصلت تونس طيلة الأعوام الماضية من أطراف خارجية على آلاف المليارات من القروض والتمويلات المختلفة والهبات والمساعدات الموجهة خصيصا لإنجاز عديد المشاريع. غير أن وجهة هذه الأموال تحولت طوال "سنوات الضياع" نحو "مشاريع" أخرى لم تستفد منها البلاد والشعب واستفاد منها البعض بطرق ملتوية مستندا في ذلك إلى غطاء سياسي او إلى حيل قانونية للافلات من المحاسبة والعقاب. وهو ما يؤكد اليوم ضرورة فتح ملفات هذه المشاريع المعطلة لكشف الأسباب الحقيقية لتعطيلها وخاصة لكشف مآل التمويلات التي رُصدت إليها ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
فاضل الطياشي
بقدر ما كان خبر إعلان شركة مترو صفاقس عن موافقة وزارة المالية رسميّا على تمويل المشروع مفرحا لأهالي عاصمة الجنوب وللتونسيين بشكل عام، بقدر ما بدا مثيرا للامتعاض والحسرة حول أسباب تعطل مشروع كهذا على امتداد أكثر من 7 سنوات. فمترو صفاقس، شانه شان عشرات المشاريع الأخرى التي صدرت بشأنها منذ سنوات النصوص التشريعية اللازمة ووقع احداث شركات وهياكل عمومية ومؤسسات خصيصا لإدارتها وتنفيذها وحصلت الدولة على القروض والتمويلات والمساعدات من أطراف خارجية لانجازها، عطّلته طيلة الأعوام الماضية أياد خفية داخل الدولة وعطله غياب الجديّة والتهاون في تنفيذه.
قبل نحو 7 سنوات تم إحداث شركة المترو الخفيف بصفاقس في 23 جويلية 2015. وفي 28 مارس 2016، تمت تسمية الرئيس المدير العام للشركة قبل ان ينعقد الاجتماع الأوّل لمجلس إدارتها بتاريخ 17 ماي 2016. غير أن مرور هذه السنوات لم يُحرك ساكنا لدى الحكومات المتعاقبة ولدى المسؤولين الذين تداولوا على مختلف الوزارات والمناصب في البلاد ليعجلوا بإنجاز المشروع رغم أن الشركة كانت قائمة الذات وتُخصص لها اعتمادات ونفقات من المال العام.
7 سنوات كاملة كانت تكفي لإنجاز شبكات مترو في أغلب الولايات الكبرى بالبلاد وليس في صفاقس فقط.. وكانت كافية لانجاز شبكة خطوط حديدية تربط بين أغلب جهات البلاد في كل الاتجاهات، ولانجاز شبكة طرقات سيارة تشق البلاد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.. غير أن اهتمامات أغلب من تداولوا خلال الأعوام الماضية على الحكم وعلى مختلف الوزارات والمسؤوليات الكبرى كانت منشغلة بـ "المشاريع السياسية والحزبية" وبمشاريع شبكات الفساد والتحيل وشبكات الاستيلاء على المال العام، فأضاعت البلاد بذلك وقتا طويلا وضاعت معه المشاريع التنموية الكبرى التي كان من المفروض إنجازها ..
ما الذي كان يمنع وزراء المالية ورؤساء الحكومات منذ 2015 إلى اليوم من الموافقة على تمويل مشروع مترو صفاقس وغيره من المشاريع المعطلة الأخرى؟ هل كانت الوضعية المالية للدولة أكثر صعوبة من اليوم؟ وهل كانت الدولة طوال تلك السنوات أكثر تداينا من اليوم؟ طبعا لا، إنما كانت تنقص مسؤوليها الإرادة السياسية والرغبة في خدمة المصلحة العمومية وفي الاقتداء ببقية الدول للاعتناء بالمجال التنموي والاقتصادي.. وفي المقابل اكتفى مسؤولو تلك السنوات بالتعبير عن "إرادة" كبرى لخدمة المصالح السياسية والحزبية والشخصية الضيقة وللصراع حول كراسي السلطة على حساب الصالح العام..
اليوم توجد في تونس عديد المشاريع العمومية المعطلة، بعضها يعود إلى أواخر حقبة الرئيس السابق بن علي، والبعض الآخر لبداية العشرية المنقضية. فمشروع الشبكة الحديدية السريعة في العاصمة معطل منذ أكثر من 10 سنوات شأنه شأن مشاريع الطرقات السيارة والسكك الحديدية في اتجاه المناطق الداخلية ومشاريع الطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر وتجديد أسطول النقل العمومي ومشاريع تهيئة الأحياء السكنية ومشاريع مد قنوات التطهير والتوقي من الفيضانات ومشاريع بيئية عديدة ومشاريع مؤسسات تربوية وجامعية ومستشفيات وغيرها، فضلا عن المشاريع الصناعية والخدماتية الكبرى التي كان من المفروض إنجازها منذ 2011 إلى اليوم.
وباجماع المختصين والخبراء، فقد حصلت تونس طيلة الأعوام الماضية من أطراف خارجية على آلاف المليارات من القروض والتمويلات المختلفة والهبات والمساعدات الموجهة خصيصا لإنجاز عديد المشاريع. غير أن وجهة هذه الأموال تحولت طوال "سنوات الضياع" نحو "مشاريع" أخرى لم تستفد منها البلاد والشعب واستفاد منها البعض بطرق ملتوية مستندا في ذلك إلى غطاء سياسي او إلى حيل قانونية للافلات من المحاسبة والعقاب. وهو ما يؤكد اليوم ضرورة فتح ملفات هذه المشاريع المعطلة لكشف الأسباب الحقيقية لتعطيلها وخاصة لكشف مآل التمويلات التي رُصدت إليها ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
فاضل الطياشي
