مع الشروق..انتخابات أمريكا وأزمات العالـم

مع الشروق..انتخابات أمريكا وأزمات العالـم

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/11/09

اضافة الى كونها لحظة ومنعرجا حاسما في السياسة الداخلية الأمريكية، فإن انتخابات التجديد النصفي في أمريكا سيكون لها أثر كبير على علاقات أمريكا الخارجية وعلى عديد الأزمات التي على رأسهم أوكرانيا.
حالة ترقّب غير مسبوقة تعيش عليها الولايات المتحدة الأمريكية في انتظار نتائج انتخابات التجديد النصفي التي ستكون تثبيتا للديمقراطيين وللرئيس الامريكي في الحكم أو عودة الجمهوريين وقلب الأمور داخليا وخارجيا رأسا على عقب.
وما يقلق الأمريكيين الآن هو حالة الغليان التي تقترب من الانفجار داخل المجتمع الأمريكي بسبب التجاذبات السياسية الحادة بين الديمقراطيين والجمهوريين وسط تصاعد التحذيرات من حرب أهلية.
وتتّسم انتخابات التجديد النصفي بأهمية كبيرة في الولايات المتحدة لأنها تُجرى بعد سنتين من انتخاب الرئيس، ما يعني أنها تعقد بين اقتراعين رئاسيين، ويتم خلالها انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وحكام 35 ولاية فضلا عن انتخابات مناصب قيادية وتنفيذية على المستوى المحلي.
وفي صورة فوز الديمقراطيين فإن ذلك سيسمح لبايدن بمواصلة بقية مدّته الرئاسية بارتياح ومواصلة تنفيذ سياساته الداخلية والخارجية وفق نظرة حزبه التي تختلف اختلافا حادا مع خصومه في حزب الجمهوريين.
كما سيكون فوز الديمقراطيين بمثابة فوز الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تغدق عليه الادارة الأمريكية الحالية مساعدات عسكرية ومالية مهولة في حربه مع روسيا وستكون خسارتهم بمثابة الضربة القاصمة.
على المنوال ذاته يمنّي الاوروبيون النفس بفوز الديمقراطيين من أجل مواصلة شراكة هي أصلا ليست في أفضل حالاتها وقد عانوا سابقا من بطش ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب وستكون عودته وحزبه بمثابة الكابوس.
فعودة الجمهوريين وبالتالي ترامب الى الادارة الامريكية تعني انفراط عقد ما تبقى من الوفاق الأوروبي الذي فرّقته ومزّقته الحرب الأوكرانية ودفعت دوله للانتشار يمنة ويسرة للبحث عن المصالح الحيوية كلّ على حدى وليس وفق وفاق أوروبي.
على الجهة المقابلة سيكون فوز الجمهوريين بمثابة الزلزال السياسي الذي سيغيّر كل شيء في أمريكا بدءا من الهجرة غير الشرعية وصولا الى العنصرية والانقسام الحاد داخل المجتمع الأمريكي.
لكن النصيب الأكبر من هذا الزلزال السياسي إن وقع سيكون في السياسة الخارجية وعلى رأسها حرب أوكرانيا فالجمهوريون وترامب تحديدا لن ينسوا ملف ابن بايدن الذي رفضت أوكرانيا التعاون فيه.
وقد كان واضحا الايام السابقة الموقف الجمهوري من مواصلة دعم اوكرانيا إذ قالت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين إنه في حال سيطرة الجمهوريين على الكونغرس "لن يذهب فلس واحد آخر إلى أوكرانيا. أمريكا تأتي أولا".
علماً أنها ليست المرة الأولى التي يدلي فيها جمهوريون بتصريحات تتعلق بأوكرانيا، إذ كان زعيم الأقلية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، قد صرح في أكتوبر الماضي أن "حزبه لن يوقع شيكاً على بياض" لأوكرانيا.
الوضع كذلك مع إيران التي ترى في استعادة الجمهوريين السيطرة مرة أخرى شهادة وفاة شبه رسمية للاتفاق النووي الذي لا يزال بطبعه تحت الولادة القيصرية وقد أجهضه ترامب سابقا سنة 2018 بإعلان خروج بلاده منه.
مما لا شكّ فيه أنه وللمرة الأولى سيترقب الجميع ما تسفر عنه الانتخابات النصفية الأمريكية التي كانت تمر في الغالب دون أي زخم خارجي، لكن هذه المرة لن تكون فقط انتخابات أمريكية بحتة بل إنها انتخابات دولية على أغلب القضايا.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك