مع الشروق .. معادلات جديدة في الأفق

مع الشروق .. معادلات جديدة في الأفق

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/10/03

في تطوّر غير مسبوق، قامت إيران بتوجيه ضربة عسكرية إلى الكيان الصهيوني مما أحدث رجة كبيرة في الأوساط السياسية والعسكرية على مستوى الشرق الأوسط والعالم،  هذه الضربة تأتي في ظل أجواء مشحونة بالتوتر الإقليمي، ومعادلات الردع التي لطالما كانت قائمة بين الأطراف المتنازعة قد تبدو على وشك التغيير بشكل جذري، خاصة وأن إيران وإسرائيل تعتبران محورين أساسيين في الصراعات الإقليمية، وبالتالي فإن هذا التصعيد قد يفتح الباب أمام مواجهات أوسع، وربما يؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة.
الهجوم الإيراني على إسرائيل يعكس دون شكّ تحولات كبرى في موازين القوى بالمنطقة، فإلى زمن قريب كانت معظم التوترات بين البلدين تدور في فلك الحروب غير المباشرة، سواء من خلال الوكلاء أو الضربات الجوية المحدودة التي لم تتطور إلى صدامات مباشرة، ولكن الضربة الإيرانية الأخيرة تمثل تجاوزاً لخطوط حمراء قديمة، ما قد يشير إلى توجه جديد في الصراع الإيراني الإسرائيلي.
إيران من جانبها تحملت ضغوطاً كبيرة على مدار السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية، وقد تكون هذه الضربة رسالة قوية من طهران إلى كل الأطراف الإقليمية والدولية مفادها أنها لا تزال تملك القدرة على توجيه ضربات موجعة وحاسمة في عمق إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك، تأتي الضربة كاستعراض لقوة الردع الإيرانية، وهي محاولة لإعادة التوازن إلى معادلة القوى في المنطقة بعد سنوات من الضربات الإسرائيلية المتكررة لأهداف إيرانية في سوريا والعراق.
من الثابت أن الضربة الإيرانية من شأنها أن تعيد صياغة معادلات الردع في الشرق الأوسط، فالكيان الصهيوني الذي يعتمد في استراتيجيته الأمنية على قوة الردع وتفوقه العسكري، يجد نفسه اليوم في موقف حساس، فإذا لم يقم برد فعل قوي ومناسب، فإن ذلك قد يرسل إشارة إلى خصومه، بما في ذلك حزب الله وحماس، بأن قدرتها على الردع قد تآكلت.
فالضربة الإيرانية قد تعيد تفعيل العديد من الجبهات غير المباشرة في المنطقة، حيث يمكن لحزب الله في لبنان وحماس في غزة استغلال هذا الضعف النسبي للضغط على إسرائيل من جبهات متعددة، ولعل هذا ما يخشاه المراقبون، إذ إن أي تصعيد على الجبهات المتعددة قد يدفع الكيان الغاصب إلى خيارات أكثر تطرفاً بما في ذلك شن حملة عسكرية واسعة قد تشمل عدة دول.
في المقابل، فإن إسرائيل ليست وحدها التي قد تلجأ إلى الرد العنيف، فالولايات المتحدة، حليفة الكيان المحتل الأساسية قد تجد نفسها مضطرة للتدخل خاصة إذا ما رأت أن مصالحها الحيوية في المنطقة مهدّدة، فواشنطن لطالما كانت تراهن على سياسة الردع لاحتواء إيران، لكن الضربة الإيرانية الأخيرة تضع هذه السياسة في اختبار حقيقي.
وتبقى المنطقة برمتها أمام خيارين سنتبيّن القدرة على تحقّقهما في الأيام المقبلة، فإما أن تردّ إسرائيل بشكل مدروس ومحدود على الضربة الإيرانية، بهدف تفادي تصعيد شامل وهو خيار يعتمد على قدرة المجتمع الدولي على التدخل لتهدئة الأوضاع ومنع مزيد من التصعيد، أو ردّ إسرائيلي أكثر حدّة مثل ضرب المنشآت النووية الإيرانية أو استهداف العمق الإيراني، وحينها قد تلجأ إيران إلى استخدام حلفائها في المنطقة للردّ، ما سيؤدي إلى انفتاح الجبهات المتعددة من لبنان إلى غزة إلى العراق وسوريا، بل ومن المحتمل أن تتدخل الولايات المتحدة، وقد يتوسع الصراع ليشمل أطرافاً أخرى وهو السيناريو الأكثر خطورة الذي سيؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة. 
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك