مع الشروق .. نسبة نمو إيجابية.. لكن دون المأمول..

مع الشروق .. نسبة نمو إيجابية.. لكن دون المأمول..

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/17

مقارنة بالثلاثي الأول من سنة 2023، حققت تونس خلال الثلاثي الأول من العام الجاري نموا اقتصاديا بنسبة 0.2 %. ومقارنة بالثلاثي الرابع والأخير من سنة 2023 ارتفعت نسبة النمو بـ 0.6 % بالمائة. وبالرغم من ان هذه النسب يمكن أن تعكس مؤشرا إيجابيا عن بعض التعافي الاقتصادي في تونس، إلا أنها ما زالت دون المأمول. وهو ما يتطلب من الحكومة بذل المزيد من الجهود حتى يكون النمو والتقدم في مستوى تطلعات وانتظارات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين.
بإمكان تونس ان تحقّق نسبة نمو أرفع وأسرع خاصة في ظل ما يتوفر بها من قدرات ومؤهلات على مختلف الأصعدة وما يتمتع به اقتصادها من عوامل ملائمة لمزيد التقدم والتطور. فالعوامل المناخية والجغرافية والمؤهلات والكفاءات البشرية والتقاليد الاقتصادية والاستثمارية التي أرستها دولة الاستقلال في جل القطاعات تقريبا تمثل حافزا لا مثيل له في عديد الدول لتحقيق نمو أعلى في مختلف القطاعات شريطة توفر الإرادة اللازمة والاستراتيجيات الوطنية الصارمة والملزمة لمختلف المتدخّلين وشريطة تحمل كل طرف مسؤوليته كاملة.  
ففي القطاع الفلاحي، تبدو كل الظروف والعوامل ملائمة لتحقيق نتائج أفضل. ذلك أن التطوّر المسجل في نسب النمو المذكورة آنفا يعود بالأساس –حسب المعهد الوطني للإحصاء – الى التعافي النسبي لنشاط القطاع الفلاحي، حيث بلغ النمو في هذا القطاع خلال الثلاثي الأول من العام الجاري 1.6 % وساهم إيجابيا بـ 0.1 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة. غير أن القطاع الفلاحي مازال يعاني من صعوبات عديدة – بقطع النظر عن العوامل المناخية- ومازال يحتاج إلى أكثر جهود بالنظر الى تراكم المشاكل فيه..
والقطاع السياحي ساهم أيضا خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2024 بنسبة هامة في نسب النمو المذكورة حيث سجّلت أنشطة قطاع الخدمات حسب معهد الإحصاء تطورا بنسبة 1.9 بالمائة نتيجة حيوية النشاط في قطاع النزل والمطاعم والمقاهي. غير أن القطاع السياحي مازال يعاني بدوره من نقائص عديدة، رغم توفّر المؤهلات والكفاءات البشرية والبنى التحتية (رغم النواقص) القادرة على خلق الإضافة في القطاع. فالمنتوج السياحي في تونس مازال تقليديا ولم يواكب التطورات الحاصلة في العالم من حيث التنوّع وابتكار منتجات سياحية جديدة أصبحت رائدة في مختلف دول المنطقة كالمغرب ومصر وتركيا واليونان وإسبانيا وغيرها.
وفي القطاعات الواعدة على غرار التكنولوجيا والصناعات المبتكرة أبرزها مكونات الطائرات ومكوّنات السيارات والإلكترونيك وغيرها، ما انفكت تونس تحقّق تقدما في هذا المجال من خلال استقطاب استثمارات اجنبية نحو بلادنا. لكن ذلك يبقى في حاجة دائما إلى جهود أكثر من أجل تسهيل الإجراءات والتقليص من البيروقراطية المعطّلة للاستثمارات لا سيما الأجنبية وتوفير التشجيعات اللازمة لذلك على مستوى البنية التحتية للنقل والتكنولوجيات الحديثة والمناخ الاجتماعي والتشريعات وغيرها. وهو ما على تونس أن تقرأ له ألف حساب حتى تقدر على مواجهة المنافسة الشرسة قاريا وإقليميا وعربيا..
ويمثّل الموقع الجغرافي المتميز لتونس أفضل عامل لأن تكون رائدة افريقيا وعربيا ومغاربيا لجلب الاستثمارات الأجنبية وللتحول إلى "بوابة" تصدير وتوريد وتبادل قاري وإقليمي ودولي في مختلف المجالات. وهو ما يؤكد مرة أخرى أهميّة دور الديبلوماسية الاقتصادية لمزيد التعريف بالوجهة التونسية سواء لجلب الاستثمارات الأجنبية او لجذب السياح أو خاصة لخلق أسواق جديدة لصادراتنا لا سيما بالنسبة للمنتجات التي تتمتع فيها في تونس بسمعة جيدة من حيث الجودة والقدرة التنافسية أبرزها زيت الزيتون والتمور والقوارص والفسفاط ومنتجات الصيد البحري والصناعات الغذائية والنسيج والملابس وغيرها..
وحسب معهد الإحصاء فإن حجم القيمة المضافة لقطاع الصناعات المعملية تراجع بنسبة -3.5 ٪ خلال الربع الأوّل من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما تراجع حجم القيمة المضافة في قطاع الطاقة والمناجم بحوالي            -9.9 ٪ ، وفي المجموع، سجل القطاع الصناعي تراجعا في حجم القيمة المضافة بـ -5.0 ٪. وكل ذلك، بالإضافة الى ما تقدم، يبقى في حاجة إلى جهود أكثر من الحكومة حتى يقع تحقيق نسب النمو المنتظرة من التونسيين خاصة في ظل توفر كل العوامل الملائمة لذلك في مقدمتها ثروة الفسفاط والطاقات المتجددة وزيت الزيتون وغيرها من الثروات الطبيعية الأخرى فضلا عن العوامل المناخية والموقع الجغرافي والمؤهلات والكفاءات البشرية .
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك