مع الشروق .. لا تزجّوا بتونس في الحرب الليبية

مع الشروق .. لا تزجّوا بتونس في الحرب الليبية

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/05/31

مازالت الحرب الليبية بتقلباتها وفصولها الدامية والمثيرة تطالعنا بتطورات تصب في خانة  توسيع دائرة الصراع ليمتد إلى دول الجوار وفي طليعتها تونس.
وكأن الجدل الدائر في البلاد وبالخصوص في مجلس النواب على خلفية ما عدّ تدخلا في الشأن الليبي وانحيازا لطرف دون  آخر لم يكفنا حتى جاءت أنباء نشر وحدة عسكرية أمريكية عاملة في إطار قوات أفريكوم ببلادنا لمواجهة التغلغل الروسي في ليبيا لتشي بأن تونس قد تصبح فعلا جزءا من الصراع ومن المواجهات الدامية الدائرة على الأراضي الليبية.
ورغم توضيح قيادة الأفريكوم يوم أمس (القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا) والقائل بأن الأمر يتعلق بعناصر قليلة ستنتشر في إطار التعاون الثنائي مع تونس في مهمات تدريبية صرفة، إلا أن الجدل الذي أثاره البيان الأول (نشر الجمعة) والمتعلق بنشر قوات أمريكية في مواجهة التدخل الروسي مازالت تثير الكثير من الجدل والتساؤلات في الساحة السياسية التونسية.. ذلك أن هذا المطلب أو الطموح الأمريكي في نشر قوات الأفريكوم ببلادنا ليس جديدا. بل ان واشنطن عبرت عنه مرارا وتكرارا في العهد السابق وهو مطلب جوبه في كل مرة برفض قوي. ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية وبالخصوص قياداتها العسكرية لم تتخل يوما عن هذا المطلب وظلت تؤجّله وتتحيّن الفرصة لإعادة طرحه بل ولتجسيده على أرض الواقع. والواضح أن الجهة الأمريكية تحاول استغلال الموقف التونسي المترجرج من الأزمة الليبية وتركّز اتصالات المسؤولين التونسيين في أعلى هرم الدولة على حكومة السراج في تجاهل واضح للمشير خليفة حفتر لإيجاد ثغرة تنفذ منها إلى تحقيق الحلم القديم.
هذا الغموض في الموقف التونسي والذي يجعل كفّة الموقف الرسمي التونسي تميل إلى جهة حكومة السرّاج هو الذي يشجع الطرف الأمريكي على تكرار المحاولة بهذا الوضوح الذي لا ينقص منه شيئا البيان التوضيحي لقيادة الأفريكوم.
وقد بات من المتأكد الآن أن تحسم تونس ممثلة في رئيس الدولة الذي يمسك بملف العلاقات الخارجية ويترأس مجلس الأمن القومي موقفها. وان تضع النقاط على الحروف بخصوص التمشي التونسي في علاقة مع الأزمة الليبية وتطوراتها المتسارعة التي قد تزج بنا في دائرة حرب دامية لا مصلحة لنا فيها.. بل ان مصلحتنا تكمن في السعي إلى إيجاد أرضية صلبة لحوار ليبي ـ ليبي يقطع الطريق أمام كل أشكال التدخل الخارجي ويحاول بلورة أسس لحل سياسي يفضي إلى إقامة سلطة مدنية منتخبة ونابعة من إرادة الشعب الليبي تمسك بزمام الأمور وتضبط فوضى السلاح التي تعطي المليشيات المتطرفة وكل الأطراف الطامعة في ثروات ليبيا والطامحة إلى وضع يدها على نفط ليبيا أملا في فرض حل بقوة السلاح وبالاعتماد على الزج بأطراف خارجية في النزاع.
لقد طال صمت الخارجية التونسية إزاء مختلف التطورات الحاصلة في المشهد الليبي. وطال الغموض الذي يلف موقف بلادنا ومعه طال التجاذب في رأس السلطة. وحان الوقت لوضع حد لكل هذا الصمت وهذا الغموض من خلال التعبير عن موقف واضح وصريح.. موقف يبعدنا عن الاصطفافات وعن الأحلاف الاقليمية والدولية ويؤسس لدور تونسي متوازن ومدروس يعطينا مصداقية لدى كل أطراف النزاع ويؤسس لدور تونسي فاعل متى رممنا جسور الثقة مع كل الأطراف.. وبهذا الموقف الواضح والصريح فقط سوف نقطع الطريق على كل محاولات الزج ببلادنا في أتون هذه الحرب وسنجعل كفة الحل السلمي هي الراجحة على حساب كل محاولات التدخل السافرة سواء جاءت من تركيا أو من روسيا أو من أمريكا.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك