مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس

مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/12

نشر الديوان الوطني للزيت أرقاما إيجابية جدا عن نسق تصدير زيت الزيتون التونسي إلى الأسواق العالمية، خلال الموسم الحالي 2023 - 2024. و بحسب الأرقام التي ذكرها الديوان فإنّه وقع تصدير  128654 طنا من الزيت من غرة نوفمبر إلى غاية الثلاثين من أفريل المنقضي بمعدّل سعري  26708 دينار  للطن الواحد من الزيت. وهو ما مكّن من تحقيق  عائدات مالية مهمة  قدرت بـ 3436 مليون دينار. والمهم في الأرقام التي  نشرها الديوان أنّ عائدات التصدير  ارتفعت بـ91 في المائة  مقارنة بالموسم الماضي. وهي تقريبا نفس النسبة  التي حققها تصدير زيت الزيتون المعلب الذي ارتفع من 226 مليون دينار إلى 407 مليون دينار إلى حدود نهاية شهر أفريل. 
ولكن الأرقام الإيجابية لا يجب أن تحجب عنّا استمرارية محدودية تعليب زيت الزيتون التونسي، فمن جملة  ما يزيد على  128ألف طن التي تم تصديرها، لم يقع تصدير سوى 14 ألف طن زيتا معلّبا، وهذا رقم على محدوديته إلاّ انه يشير إلى ان هناك فرصا أكبر للاستثمار في قطاع تعليب الزيت، خاصة بعد النجاحات الكبرى و الجوائز العالمية التي يحصدها زيت الزيتون التونسي في المسابقات الدولية والتي أهلته لأن يكون جاذبا لمزيد من الأسواق الدولية. 
الحقيقة أن تونس تحتوي على أهم منجم عالمي للذهب السائل، وهذا يأتي بفضل جهود عشرات آلاف الفلاحين و العاملين في الأرياف التونسية و الذين يحتاجون اهتماما أكبر من الدولة أسوة بقطاعات أخرى تحظى بعناية أكبر ، ولكن مردوديتها أضعف بكثير مما يحققه قطاع الزيتون و الفلاحة بصفة عامة. 
إن هذه الأرقام تفرض على الدولة مسؤوليات أكبر منها مواصلة توسيع المساحات المغروسة و تمكين الفلاحين من المشاتل بأسعار مخفضة ولم لا بأسعار رمزية ، حتى نحقق إضافة نوعية في السنوات القادمة  من حيث الكمّية المنتجة و الجودة و المردودية المالية. و على الدولة ايضا أن تساعد منتجي الزيتون في تعصير طرق الري و المحافظة على الموارد المالية، وتعزيز تمكين الفلاحين من استخدام الطاقة الشمسية في عمليات الري، حتى تتحسّن إنتاجية الغراسات و تقل الكلفة وتزداد المرابيح وهكذا نجعل هذا القطاع  جاذبا و مشغلا ومنافسا في آن واحد. وهنا يجب تجنيد  كافة المندوبيات الجهوية وفروعها المحلية للفلاحة حتى تتولى مراقبة المزارع و تساعد الفلاحين  على تأمين صابة جديدة نتمنى أن تكون واعدة و وذات مردودية عالية ايضا.  و ننتظر ايضا ان يقع تفعيل البحوث العلمية  في دولة تتصدر الإنتاج العلمي في زيت الزيتون، حتى نتمكن من تحقيق قيمة مضافة لا فقط للزيت المنتج ولكن  للاستخدامات المتنوعة للزيت ولمشتقات.  
إن ما يوفره قطاع الزيتون لهو أهم بكثير من قرض صندوق النقد الدولي و شروطه المجحفة، ولو توجهت العزائم لقطاع الفلاحة برمّته، لصارت تونس فعلا البلد الذي لا يأكل مواطنوه من وراء البحار. ولو توجهت العزائم إلى قطاع الفسفاط والسياحة و الصناعات لصار خلق الثروة و تحقيق نسب نمو عالية أمرا غير مستحيل. فالإقلاع الاقتصادي ممكن و بحلول تونسية منبثة من أرض الزيتون الذي لا يموت.     
كمال بالهادي        

تعليقات الفيسبوك