مع الشروق.. رئيس الجمهورية لا ينبغي له أن يقول هذا

مع الشروق.. رئيس الجمهورية لا ينبغي له أن يقول هذا

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/12

يُنسب إلى الكاتب النّيجيري وول سوينكا صاحب جائزة نوبل لسنة 1986 هذا القول الذي جرى مجرى الامثال: «النمر لا يعلن نمريته بل يقفز وينقضّ».
وإذا أسقطنا هذه العبارة على واقعنا اليوم يجوز لنا عندئذ القول إن رئيس الجمهورية لا يندّد بالمجرمين ولا يشجبهم، وإنما يأمر بإيقافهم وتقديمهم إلى العدالة.
تسعة أشهر، أو تزيد، منذ صعود السيد قيس سعيد إلى كرسي رئاسة الجمهورية الذي لئن لا يوفّر له النفوذ الذي كان للرئيسين اللذين سبقاه، فإنه يخوّل له من الصلاحيات أخطرها  ـ بمعنى الأهمية ـ وأدقّها لا سيّما بالنظر إلى هشاشة وضعنا المحلي الذي مازال انتقاليا قد يقصر وقد يطول، وإلى حالة الحرب التي تعيشها المنطقة وما يستتبعها من مناخ انعدام الاستقرار والأمن.
فالسياسة الخارجية والأمن القومي اللتان يتحمل مسؤوليتهما ليسا بالهيّنين حتى يكون الحديث فيهما بالسهولة والاستخفاف وعدم اللامبالاة التي يبديها الرئيس قيس سعيد في كل مناسبة التقى فيها بالمسؤولين المباشرين لهذين القطاعين ورأى أن يتوجه إلى الرأي العام الوطني.
«مؤامرات»، «غُرف مغلقة»، «نار الفتنة»، «ضرب المؤسسات»... وغيرها من المصطلحات التي تُستخرج كلها من نفس سجّل الانهيارات الكبرى التي يحلو للرئيس سعيّد إطلاقها بخفّة من يمزح مع أصدقائه حول فنجان قهوة في حي شعبي.
وهكذا كلّ مرّة يتناول فيها الكلمة إلا ونادى بالويل والثبور وبالشرّ والهلاك لهذه البلاد وشعبها، ولكن، وككل مرّة، دون تحديد هوية المُدان أو الجاني أو المجرم. وإلى اللقاء في الحديث الرئاسي المقبل...
لنكن جدّيين: إذا كان ما يقوله رئيس الدولة صحيحا فلماذا لا يتبع قوله بالفعل ويوقف هؤلاء الجناة ويقع تتبعهم؟ إن الاتهامات التي يطلقها أخطر من أن تكون حديثا عابرا يقال ثم ينسى. إن أمننا، ووحدة شعبنا، وسلامة ترابنا، كلها على المحك، فكيف لمن هو المسؤول الأول عن ذلك، أي رئيس الجمهورية بالتحديد، أن يتكلّم بالشيفرة أو أن يقول كلاما غامضا مبهما دون أن يرينا مع أقواله قرارات وأفعالا؟
وإذا اعتبرنا تواصل هذا الخطاب وترديده بنفس النبرة واللهجة والتعبير على امتداد أشهر طويلة دون أن يأتي ما يؤيّدها أو يؤكدها على أرض الواقع، فإن الأمر يصبح أخطر مما يمكن تصوّره، لأن قول الرئيس قيس سعيد يصبح عندها خطابا أجوف لا قيمة له ولا يعدو أن يكون هراء يجلب له ولمؤسسة الرئاسة، مع مرور الوقت، الاستهزاء والسخرية، وهو ما لا نرضاه لرئيس جمهوريتنا ولأنفسنا، في نهاية المطاف، باعتبارنا نحن من أتينا به على رأس الجمهورية.
رئيس الجمهورية، أول مواطني هذه الجمهورية، مطالب بقول مطمئن يريح قلوب مواطنيه ويشرح الصدور ويشحذ عزائمهم لا أن يزيد من تأزمهم وخوفهم. على السيد قيس سعيد أن يراجع خطابه. فالحملة الانتخابية قد انتهت منذ أشهر والمقبلة ما تزال بعيدة.
عبد الجليل المسعودي

تعليقات الفيسبوك