مع الشروق.. خطوات... على طريق «إسرائيل الكبرى»

مع الشروق.. خطوات... على طريق «إسرائيل الكبرى»

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/08

تردّد نتنياهو في إنجاز خطوة ضم أجزاء من الضفة لا يعني البتة بأن خطر الضم قد زال. فالمشروع الصهيوني قائم أصلا على القضم والضم والتوسّع ونهب المزيد من الأراضي والمشروع الصهيوني متى وجد الأجواء العربية والإقليمية والدولية ملائمة ومواتية فإنه سيظل يمتد ويتمطّط إلى أن يضع قدما في النيل (مصر) وقدما في الفرات (العراق) تحقيقا لما يسمّى «إسرائيل الكبرى»... وكل ما يتبقى من مناورات ومداورات وخدع وألاعيب وخزعبلات فكلّها مخاتلات ترمي إلى كسب الوقت لمزيد شق الصف العربي وتشتيت صفوف وكلمة العرب.. وترمي إلى شق الصف الفلسطيني وزرع بذور الصراع والخلاف فيه حتى يزداد الفلسطنيون شتاتا على شتاتهم... وحتى يزدادوا ضعفا على ضعفهم وتصبح الجغرافيا الفلسطينية جاهزة للخضوع إلى مشرط التفتيت والنهب الصهيوني...
الأراضي التي أقام عليها الصهاينة مستوطناتهم أو التي يخططون لنهبها تحت عنوان ما يسمى الأمن القومي لإسرائيل هي أصلا أراض فلسطينية وفق تقسيم 1948 الذي أقرته الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. وكذلك وفق اتفاق أوسلو الذي قفز بدوره على نتائج عدوان 1967 الذي شهد احتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية ومع ذلك فقد قبل به الفلسطينيون على أمل أن يكون حاضنة لدولة فلسطينية قادمة وعاصمتها القدس الشرقية...
لكن الصهاينة سرعان ما عملوا على إجهاض الحلم الفلسطيني وتمادوا في دعم الاستيطان وما يلحقه من تقسيم وتشتيت ونهب للمزيد من الأراضي الفلسطينية، ولكي يكتمل مسعى الإجهاز على حلم الدولة الفلسطينية المستقلة كان لا بد صهيونيا من التحرّك لضم الأراضي التي تقع عليها المستوطنات التي زرع فيها مئات الآلاف من المستوطنين... وكل ذلك في استنساخ سمج وسيء لمقولة إن الصهاينة الذين لا أرض لهم قد استوطنوا أرضا لا شعب لها.
ضم الأراضي الفلسطينية الذي يعد بكل المقاييس نكبة فلسطينية جديدة وتغريبة جديدة لأجزاء غالية من الأرض الفلسيطنية لم يكن ليصبح ممكنا ولم يكن الصهاينة ليجرؤوا عليه لولا العبث العربي والعبث الفلسطيني... العبث العربي الذي أدى إلى تشتت العرب وتشرذمهم وتفرقهم بين معاد للصهاينة وبين مهادن لهم ومتعاون معهم وهو ما أرسل رسائل خاطئة للصهاينة. والعبث الفلسطيني الذي أدى إلى ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية في مقتل وإنشاء كيان محاصر في غزة وكيان مثل قطعة الجبن الفرنسية في الضفة بقيادتين متناقضتين متناحرتين وهو ما استغله الصهاينة لتهيئة الظروف لتمرير مشروعهم.
الآن بدأت الكثير من الأصوات عربيا ودوليا ترتفع رافضة للضم ومنددة به... وحل الوفاق بين غزة ورام الله إيذانا بعودة الروح للوحدة الفلسطينية وبات ممكنا التحرّك على واجهتين... واجهة مجلس الأمن وهو الضامن لحدود 1967 ولضرورة الالتزام بها كأرضية لحل الدولتين.. وذلك لاستصدار قرار جديد يوقف قطار الضم ويثبت الحدود ولو مرحليا.. وواجهة الداخل الفلسطيني باتجاه تحفيز انتفاضة جديدة تعيد الصهاينة إلى حجمهم وكذلك باتجاه تفعيل كل أشكال المقاومة التي تبيحها كل الشرائع والقوانين... ووسط كل هذا فإن الجماهير العربية مطالبة بالخروج عن صمتها ورفع راية المقاومة للمشروع الصهيوني الذي يبدأ بفلسطين وسوف يتمطط إلى عديد العواصم العربية وليتذكر العرب أن قضية فلسطين هي فعلا قضيتهم الأم... ولا يحق أن ينتظروا ضم كل الضفة ليتحرّكوا.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك