مع الشروق ..العنف والمخدرات... سبيلا إلى «الفوضى» الخلاّقة !

مع الشروق ..العنف والمخدرات... سبيلا إلى «الفوضى» الخلاّقة !

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/04/17

الاجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي لم يكن عاديا. فقد كان حافلا بالمسائل الحيوية التي تهم الدولة التونسية والمجتمع التونسي.. كما شهد إطلاق جرس الانذار بخصوص بعض الظواهر والمعطيات التي وجب التنبّه إليها ومعالجتها قبل أن تستفحل وتصبح بمثابة التهديد الجدي والحقيقي للدولة وللمجتمع.
رئيس الدولة توقف مطوّلا عند ظاهرة العنف التي باتت تتكرر في بعض الأحياء الشعبية بشكل منتظم وتشهد صدامات بالأسلحة البيضاء.. وهو ما يشي بأن  وراء الأكمة ما وراءها وبأن هناك من يسحب الخيوط ويدفع باتجاه تأزيم الأوضاع أمنيا واجتماعيا لغايات لا تخفى عن العين المجرّدة.. تنضاف إلى ظاهرة العنف المتبادل  ظاهرة أخرى لا تقل خطورة وتتعلّق بمسألة ترويج واستهلاك المخدرات في محيط المؤسسات التربوية وحتى داخلها وذلك فضلا عمّا تشهده البلاد من عربدة أباطرة المخدرات الذين يعملون ورغم الجهود الجبّارة لأبناء المؤسسة الأمنية على ترويج سمومهم وبثّها في المجتمع.
والأكيد أن تصاعد هذين الموجتين وتزامنهما ليس من قبيل الصدفة. بل انهما تندرجان في إطار مخطط مدروس يستهدف الدولة التونسية ويستهدف وحدة واستقرار المجتمع التونسي.. وهو المخطط الذي شدّد على وجوده وتوقف عنده رئيس الدولة ليضعه في إطاره الحقيقي كأداة لمحاولة «ضرب الدولة من الداخل وتفتيتها لتكون مجموعة من المقاطعات».
وعندما يتكلم رئيس الدولة بهذا الوضوح فإنه لا ينطلق من فراغ بل انه يفعل انطلاقا من معطيات أمنية دقيقة.. معطيات يدعمها ما يشهده محيطنا الاقليمي من أحداث صاخبة وما يعج به العالم من احداث ومن قضايا ومن حرائق باتت تشكل تحديا حقيقيا وتهديدا فعليا لسيادة الدول ولوحدتها الوطنية.. وقد رأينا بالعين المجرّدة ولمسنا لمس اليد في الكثير من الدول ومن الحالات كيف يستعمل سلاحا العنف المنظم والمخدرات المنفلتة في تقويض المجتمعات وتحطيم الدول ومؤسساتها واغراقها في «الفوضى الخلاقة» حتى تضعف وتتفتّت وتخضع لمخطط «التقسيم وإعادة التشكيل» الذي يجثم على صدر منطقتنا العربية منذ أزيد من عقد من الزمن والذي مازال يهدّد دولا عربية في المشرق العربي ودولا عربية في المغرب العربي.. وليس خافيا أن هذا المخطط يعتمد في سبيل اشعال الحرائق داخل الدول والمجتمعات على العنف المنظم وعلى المخدرات وكذلك على تواطؤ بعض الرموز والسياسيين الذين يقبلون ببيع ضمائرهم وبأن يتجندوا لخدمة هذه المخططات ارضاء لطموح وجموح إلى السلطة، وتحقيقا لمقاييس ومصالح آنية. وقد عشنا في السنوات الأخيرة فصولا دامية من مخططات التآمر التي عصفت بدول وأسقطت أنظمة ودمّرت مؤسسات وأغرقت هذه الدول في الفشل والفوضى.
من هنا يستمد كلام رئيس الدولة وتحذيراته كل الأهمية.. ليصبح عبارة عن ناقوس خطر دقّ عليه رئيس الدولة ليوجه رسائل مضمونة الوصول إلى الجهات الخارجية التي قد تتحرّك لتأجيج الأوضاع في تونس سواء بالعنف المنفلت أو بالمخدرات أو بالاثنين معا.. وكذلك إلى الجهات الداخلية التي أعمتها المصالح الحزبية الضيقة وأعماها تهافتها على السلطة حتى باتت أدوات طيعة في وجه المخططات التآمرية.. وحتى باتت تقبل بأن تلعب دور ـ البشمرقة والعملاء ـ لتدمير أوطانها إرضاء لنهمها للسلطة.. من هنا فإن كلام رئيس الدولة وتحذيراته يجب أن تلقى كل الآذان الصاغية.. والمطلوب أن يستحضرها المواطن في كل آن وحين وأن يلعب دوره المواطني في التصدي لهذه المناورات واجهاضها بعدم الانجرار وراءها.. ذلك أن المنطقة العربية عموما وإقليمنا يموجان بالتهديدات ويقعان في قلب إعصار ترتيبات دولية تريد أن تمرّ ولو على جماجم الشعوب وعلى انقاض الدول.. ويكفي أن نفتح عيوننا لنرى الآثار المدمرة لما خلّفته «الفوضى الخلاقة» هنا وهناك ويكفي أن نستحضر أدوات هذه الفوضى لندرك أنها ركبت تحديدا العنف المنظم والمخدرات سبيلا إلى تحطيم الدول وإيقاعها في الفوضى والشلّل.
عبدالحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك