مع الشروق .. أمريكــا...و«الجــرح المفتــوح»

مع الشروق .. أمريكــا...و«الجــرح المفتــوح»

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/06/02

«لدي حلم بأن أطفالي سيعيشون يوما ما في دولة لا يُحكم عليهم فيها على أساس لون بشرتهم، وإنما شخصهم وأفعالهم، وأن تشتبك أيادي أبناء السود مع البيض ويمشون معا إخوة وأخوات»...
مات صاحب هذا الحلم الناشط الأمريكي الأسود من أجل الحقوق المدنية، مارتن لوثر كينغ بشكل مأساوي ولا يزال الحلم يصارع الحياة، وآخر دمائه المهدورة بسبب الميز العنصري هو جورج فلويد "الذي لم يستطع أن يتنفّس".
ورغم أن الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون أعلن بيان تحرير العبيد قبل مائة سنة من خطاب لوثر كينغ الشهير الذي ألقاه سنة 1963 وطالب بالعدالة لأبناء جلدته من أصول أفريقية، فإن  هذا "الجرح المفتوح" لا يزال يشكّل المأزق الحقيقي للشعب الأمريكي.
فبحسب آخر البيانات المتعلقة بجرائم القتل التي ترتكبها الشرطة بحق المدنيين فإن 1099 شخصا قتلوا على يد الشرطة الأمريكية في مختلف الولايات السنة الفارطة فقط، وبحسب الإحصاء، مثّل معدل ضحايا القتل من أصحاب البشرة السوداء 3 مرات أكثر مقارنة بالبيض.
كل أشكال القتل العلنية ضد أصحاب البشرة السوداء والتي كانت أغلبها بالرصاص الحي كانت مدوية وأثارت جدلا واسعا في الشارع الأمريكي، غير أن الطريقة التي قتل بها فلويد كانت مأساوية إلى حد كبير وهو ما أشعل الشارع الأمريكي بمختلف أجناسه ومكوناته.
هذه الجريمة البشعة التي صوّرها أحد المارة هزّت العالم لوحشيتها ولكم التمييز العنصري بين العرقين الأبيض والأسود رغم  مرور مائة عام أو أكثر على إلغاء قوانين التمييز العنصري.
كما أنّها عرّت زيف الكلام المنمق الذي تستخدمه الإدارات الأمريكية المتعاقبة للحديث عن "أمريكا الفاضلة" وعن بعض وجوه المساواة والعدالة المتحققة في المجتمع الأمريكي الحرّ.
الإدارات الأمريكية وحتى المجتمع الأمريكي الأبيض على الأقل نسبة هامة منه، لا يزال يكن نظرة اضطهاد ومعاملة عنصرية لأصحاب البشرة السوداء ولم يتخلوا عن فكرهم الباطني بأن السود "خدم" للعرق الأبيض.
وما زاد الطين بلة هو الادارة الأمريكية الحالية التي وصلت الى البيت الابيض بأصوات العنصريين البيض وخاصة "الانجيليين" الذين ربح دونالد ترامب الانتخابات بفضلهم، ولن يستطيع أن يربحها مجددا من دونهم.
لذلك ومنذ وصوله للسلطة تهجّم على الرئيس السابق باراك أوباما وطالبه بالعودة إلى كينيا، مسقط رأس والده، وشكك في شهادة ميلاده، وشن حملات ضد المهاجرين خاصة منهم المسلمين وهو ما غذى كثيرا الميز العنصري.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قالت إن «لدى أمريكا رئيسًا لا يكترث أبدًا بالعمل على تجنب الفوضى، وكان واضحًا في كل مرة أنه لا يرى أية مشكلة إذا اتجهت البلاد إلى حرب أهلية والحقيقة أنه لا أحد يعلم إلى أين تتجه الأمور في عهد هذا الرئيس الكابوس».
وبين هذا الرئيس الكابوس كما وصفته الصحيفة وكابوس الميز العنصري الذي يعصف بالمجتمع الأمريكي، تطالب النخب الأمريكية ،البيض منها والسود، بمصالحة حقيقية قائمة على العدل والمساواة.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك