مع الشروق..الوالـي و«الزوالــي».. !

مع الشروق..الوالـي و«الزوالــي».. !

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/09/28

تزامنا مع الدراسة التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء حول «خارطة الفقر في تونس»، تقرر رئاسة الحكومة الزيادة في أجور  الولاة وامتيازاتهم لتعادل ما هو مخوّل لأعضاء الحكومة وكتاب الدولة.
المشيشي، الذي تفاجأ مع بداية العودة المدرسية بالوضعية المزرية للمدارس ، لم يتفاجأ بما نشره المعهد الوطني للإحصاء حول خارطة الفقر في تونس التي كشفت ارتفاع معدّلات البؤس في أغلب مناطق البلاد .
  الدراسة استعرضت نسب الفقر بـ264 معتمدية موزعة على 24 ولاية، من خلال تحليل أبرز المعطيات الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية على مستوى المعتمديات. وكشفت الدراسة ، التي من المفترض أن تساهم في رسم السياسات الحكومية لتحقيق أهداف التنمية والتقليص من الفقر والفوارق، أهمية استهداف سكان المعتمديات الأشد فقرا في البلاد عبر برامج التدخل الاجتماعي للحد من معدلات الفقر.
هذه الدراسة، على أهميتها، لم تثر اهتمام رئيس حكومتنا الذي يحدوه الحنين للإدارة والخطط الإدارية وأجورها وامتيازاتها ، فاتجه إلى الحد من معدل «فقر» الوالي عوضا أن يتجه إلى «الزوالي» الذي بات معدما في تونس .
«الزوالي»، لفظ تركي zavali يعني في ما يعني الفقر والبؤس . وهو بهذا المعنى لا علاقة له بالوالي الذي ارتقى أجره الخام إلى 5380 دينارا مع منح السكن والنقل والمحروقات والسيارتين والسائقين وعونين مكلفين بشؤون المسكن ...
  وحتى لا يفهم من هذا الكلام الإيغال في «الشعبوية» ، نقر أنه من حق الولاة التمتّع بعديد الامتيازات التي لا تضاهي عشر امتيازات بعض الرؤساء المديرين العامين لبعض شركاتنا . فالصحفيون العاملون بالجهات يعلمون أكثر من غيرهم ما يعانيه ولاتنا من ضغط يومي وحرمان من الدفء العائلي . لكن ما ذكرنا وما لم نذكر ، لا يرتقي في تقديرنا إلى كل هذه المنح والامتيازات التي تثنيه في الواقع عن الفساد وشبهاته .
في تونس ذابت الطبقة المتوسطة ، وسحقت الطبقة الضعيفة. وفي المقابل تتمتع فئة قليلة برغد العيش على حساب بقية أفراد المجتمع الذين ثاروا من أجل «الشغل والكرامة الوطنية «. فالثورة كانت في البداية انتفاضة اجتماعية صرفة، خلافا لما يدعيه بعض السياسيين والانتهازيين من الذين التحقوا بالثورة متأخرين كمن التحق مهرولا بقطار «فاته».
المتتبع لأجور وامتيازات رجالات الدولة بداية من الرئيس وصولا إلى الوزراء وكتاب الدولة وغيرهم من صناع القرار، يقف على حقيقة واحدة أن هؤلاء بسياراتهم الفاخرة الفارهة ووصولات البنزين و»خدمهم وحشمهم» ، لا علاقة لهم بالواقع التونسي.  صحيح أن معدل تأجيرهم لا يرتقي الى ما هو موجود في باقي دول العالم . لكن هذا المعدل لا علاقة له ببقية الوظائف من تعليم ووظيفة عمومية التي يعد صاحبها في خانة الطبقة الضعيفة والمحرومة.
فارتفاع الأسعار الذي طال كل المواد الاستهلاكية، حول الطبقة الوسطى إلى طبقة «الزواولية»، وحول "الزوالي" إلى معدم مسكين... اتجهوا فقط إلى بعض المناطق التي ذكرها المعهد الوطني للإحصاء، فستفقهون معنى «الزوالي» بالتونسي لا باللغة التركية... 
راشد شعور

تعليقات الفيسبوك