مع الشروق..ميزانية وزارة الصّحة دون المطلوب. !

مع الشروق..ميزانية وزارة الصّحة دون المطلوب. !

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/10/23

لم ترتفع كثيرا الاعتمادات المخصصة لوزارة الصّحة في ميزانية سنة 2021 مقارنة بالميزانية المحينة لسنة 2020 واستقرت في حدود  2885 مليون دينار وحلّت بذلك في المرتبة الرابعة بعد اعتمادات وزارات التربية والداخلية والدفاع وكانت متقاربة مع وزارة التجارة وتنمية الصادرات. وإذ يُمكن تفهّم ارتفاع حجم الاعتمادات في ميزانيات الوزارات المذكورة نظرا لارتفاع كلفة التأجير فيها وغيرها من التكاليف الاخرى، إلا أنه لا يمكن تفهم استقرارها في ميزانية وزارة الصحة وذلك بالنظر إلى الحاجة الشديدة في مثل هذه الفترة لمزيد العناية بالقطاع الصحي وما يفرضه ذلك من ترفيع فيها.
ومنذ بداية الموجة الثانية من جائحة كورونا إلى حدّ اليوم، سادت لدى التونسيين مخاوف عديدة من عدم قدرة الدولة على مواجهة الأزمة بالنظر إلى الحالة المتردية لقطاع الصحة العمومية، واتضح اليوم أن هذه المخاوف كانت في محلها. فقد كشفت التطورات الاخيرة أن قطاع الصحة العمومية لا يمكنه بوضعيته الحالية مجاراة نسق التفشي السريع لوباء كورونا، وأن الأمور تسير من يوم لآخر نحو الأسوأ في ظل ارتفاع عدد الإصابات وعجز الدولة عن التكفل بالمصابين وعن توفير التحاليل اللازمة والعلاج المطلوب. وهو ما تسبب في ارتفاع حالات الوفاة وفي تعكر صحة عديد المصابين وفي تضاعف معاناتهم جراء عدم القدرة على الحصول على الاسعاف والتحاليل والعلاج بالمستشفيات.
وقد انتظر التونسيون أن تخصص الدولة منذ اشهر الجانب الاكبر من جهودها وإمكاناتها المالية لمزيد العناية بقطاع الصّحة العمومية وأن يتم خلال الفترة الماضية - كما حصل في أغلب دول العالم تقريبا- التسريع بإطلاق مشاريع عن طريق مقاولات أشغال تُسابق الزمن وتعمل ليلا نهارا بعيدا عن البيروقراطية والتعطيلات لإصلاح المستشفيات في أغلب أنحاء البلاد وترميمها وتوسعتها وتنظيفها وتجهيزها بما يلزم أو لإقامة مستشفيات ميدانية متنقلة. غير أن ذلك لم يحصل وتواصل الحال على ما هو عليه لتجد الدولة اليوم نفسها في وضعية شبه عجز عن مجاراة نسق تطور الوباء.
وكان بإمكان الحكومة أن تجعل من ميزانية وزارة الصحة في قانون المالية التكميلي 2020 ميزانية استثنائية ولم لا وضعها في المرتبة الاولى من حيث الاعتمادات المُخصصة، حتى يقع خلال هذه الفترة تدارك كل النقائص في أسرع وقت ممكن.  وكان بامكانها أيضا تخصيص اعتمادات تفوق بكثير مبلغ 2885 مليون دينار في ميزانية 2021 خصوصا في ظل فرضيات تواصل تفشي الوباء إلى العام المقبل وأيضا تواصل الحاجة في السنوات القادمة لإصلاح قطاع الصحة العمومية. وكان بإمكانها كذلك أن تتخذ بصفة استثنائية، ورغما عن توصيات صندوق النقد الدولي، قرارا بمزيد انتداب أطباء، خاصة في اختصاص الانعاش، وإطارات شبه طبية وأعوان النظافة وغيرهم. فالوضع الاستثنائي في القطاع الصّحي لم يعد يحتمل اليوم مزيد التردّد والارتباك ومزيد إضاعة الوقت أو التعامل معه كغيره من القطاعات الأخرى ولم يعد يحتمل البيروقراطية وكل أشكال القيود المفروضة من الداخل ومن الخارج وآن الأوان لتحويله إلى قطاع استثنائي على الأقل خلال ما تبقى من العام الجاري وطوال العام القادم.
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك