يعمل بنك قطر الوطني بتونس، منذ عدة سنوات، على احترام نسب الملاءة للإيفاء بالتزاماته المالية ومقاييس التغطية التي تنص عليها مناشير البنك المركزي التونسي وكذلك الاستجابة لأحكام مجلة الشركات التجارية من خلال الترفيع في رأسماله. 
ولمجابهة تفاقم الخسائر على حساب الأموال الذاتية، رفع البنك سنة 2023 في رأسماله بمبلغ 250 مليون دينار، ولكن ذلك لم يمنع من تسجيل البنك لخسائر كبرى بقيمة 69.4 مليون دينار وخسائر مرحلة تناهز 248.1 مليون دينار لتصل بذلك نسبة الخسائر الاجمالية الى 49.3 بالمائة من رأس المال.
وتكشف القائمات المالية للبنك الصادرة يوم 5 افريل الجاري بعنوان السنة المالية الفارطة، أنه رغم دعم الشركة الأم وهي بنك قطر الوطني والزيادة في رأس المال، تبقى وضعية البنك وفق مؤشراته المالية حرجة لثلاثة أسباب رئيسية أبرزها ارتفاع مستوى القروض المتفحمة الى  686.4مليون دينار وهو ما يمثل 42.6 بالمائة من إجمالي القروض، وضعف الناتج البنكي الصافي الذي لا يتجاوز 55.9 مليون دينار مقابل ارتفاع الأجور الى 46.0 مليون دينار علاوة على ضعف حصة البنك في السوق من ودائع الحرفاء اذ لا تتجاوز 1.2 بالمائة، وفق القائمات المالية للبنك لسنة 2022 استنادا الى معطيات تقرير البنك المركزي حول نشاط البنوك في تونس لنفس السنة.
وتبرز في ذات السياق القائمات المالية تدهور جل مؤشرات الاستغلال لا سيما فيما يتعلق بالمؤشر الذي يقيم مستوى الأعباء التشغيلية مقارنة بالناتج البنكي الصافي والذي يصل الى 125.1 بالمائة مما يعني ان النشاط الرئيسي للبنك القائم على تعبئة الودائع ومنح القروض، لا يكفي لتغطية مصاريفه الدنيا المتعلقة بالأجور وتكاليف الاستغلال العامة.
وتبرز اخر القائمات المالية ضعف مساهمة البنك في الاقتصاد الوطني اذ لا تتجاوز قروض الحرفاء في 31 ديسمبر 2021، حوالي 940.2 مليون دينار في حين لا تتعدى قيمة محفظة السندات التجارية 2.2 مليون دينار بما يجعل من استعمالات البنك الموجهة لمساعدة الاقتصاد في أضعف مستوى على صعيد القطاع البنكي المقيم وغير المقيم برمته، وفق القائمات المالية.
وتظهر القائمات المالية ان ودائع واموال الحرفاء مع موفى 2023، ناهزت 1351.1 مليون دينار بينما تصل قيمة الاقتراضات والموارد الخصوصية الى 36.3 مليون دينار، ولا تتجاوز اجمالا سيولة البنك 294.4 مليون دينار بما يعكس ضعف أنشطة الاستغلال وتراجع التدفقات النقدية المتأتية من الاستثمار والتي كان رصيدها في اخر ديسمبر 2023 سلبيا بقيمة -103.8 مليون دينار. ولم تتعد في ذات السياق، تدفقات أنشطة الاستغلال 15.6 مليون دينار.
وتشكل عموما المصاريف العامة للاستغلال والأجور والامتيازات لاسيما تلك الممنوحة للمسيرين وأعضاء مجلس الإدارة عبئا على توازناته المالية في ظل مردود سلبي للنشاط باعتبار تراكم الخسائر حسب قائمة الموازنة لسنة 2023 الى 317.5 مليون دينار.
ويشير التقرير الخاص لمراقبي الحسابات الى ان الأجر السنوي الخام للمدير العام للبنك يصل الى حوالي مليوني دينار، أي ما يعادل 163.9 ألف دينار شهريا، وهو أعلى مرتب في كافة قطاعات النشاط الاقتصادي في البلاد العمومية والخاصة ويتجاوز أجور كافة أعضاء الحكومة التونسية مجتمعين، وذلك بالرجوع الى البيانات المفصح عنها في هذا الخصوص بموقع هيئة السوق المالية.
يذكر ان بنك قطر الوطني بتونس كان يحمل اسم البنك التونسي القطري للاستثمار سابقا، هو بنك شمولي أحدث بمقتضى اتفاق بين دولة قطر والجمهورية التونسية وتم توقيعه في 3 مارس 1982، وتبعا لقرار من السلط النقدية تحول البنك من بنك استثمار الى بنك شمولي يقدم كافة أصناف الخدمات لحرفائه وذلك بعد موافقة الدولتين المساهمتين.
ومنذ غرة افريل 2013 أصبحت تسمية البنك، بنك قطر الوطني بتونس وذلك بعد اقتناء مجموعة البنك الوطني القطري لمعظم أسهم الدولة التونسية في رأسماله. وتعتبر مجموعة البنك الوطني لقطر الدولية احدى أكبر المؤسسات المصرفية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا حيث بلغ صافي أرباحها في 31 ديسمبر 2023، ما قدره 4.14 مليار دولار امريكي، بيد ان فرع البنك في تونس، أي بنك قطر الوطني بتونس يعتبر المؤسسة المصرفية الخاسرة الوحيدة، في المجمع وذلك بالرجوع لتقارير نشاط المؤسسات التابعة للمجموعة والموجودة بـ 28 دولة في كافة قارات العالم.