من لم يحتذ بالعزة اليَمَنِيةِ مات عبدا للصهيونية، إن اليمن كان أُمّةً...

من لم يحتذ بالعزة اليَمَنِيةِ مات عبدا للصهيونية، إن اليمن كان أُمّةً...

تاريخ النشر : 19:29 - 2024/01/27

لقد قرر الغرب الاستعماري المتصهين، مع استثناءات صغيرة وبلا اتهام للشعوب، قرر قتل كل أطفال غزة ونزع صفة الإنسانية وحق الحياة عن أهلنا في فلسطين المحتلة بعامة. وهو يؤكد ذلك يوما بعد يوم وخاصة مع القرارات الجديدة بالامتناع عن تمويل وكالة غوث اللاجئين، الأونروا بعد أن كانت معطلة أصلا ومحاصرة وهي التي لم تنجو من التدمير الصهيوني ولم ينج أي فلسطيني لاذ بها، رغم كل ما يمكن أن نقوله عنها ومهما خرجت عن دروها الأصلي. وإن من ينتظر دورا للمنظمات الأممية والمحاكم الدولية والتخدير الدولي الكاذب (رغم أهمية قرار محكمة العدل على المستوى الرمزي والنفسي والمعنوي وعلى مستوى التأثير على الضمير الإنساني العالمي وعلى مستوى الضغط السلبي ليس إلا)، بدل مقاطعة ومحاصرة العدو المجرم وبدل سحب الإعتراف به واتخاذ الدول مواقف وتدابير احترازية ضده وبدل دعم المقاومة وفتح المعابر بالقوة البشرية أو المسلحة، فإنه (من ينتظر) كمن ينتظر من المقابر أن تفتح وتحيي الموتى كأنما ولدوا أول مرة.
وعليه، فإن مواصلة التعامل مع أمريكا وبريطانيا وغيرهم  في الوقت الحاضر، وبيننا وبينهم وعصابتهم الصهيونية الإرهابية أنهارا من الدماء وجبالا من الأشلاء ومحيطات من العذابات والأحزان وطوفانا من المظالم والمخاطر بدل تجميد وتبريد أي تعامل معهم أو على الأقل في أدنى الأدنى تأجيل كل تعامل معهم حتى وقف العدوان، يعد بلا أدنى شك تفريطا واستسلاما وجريمة نكراء مقززة وقلة إنسانية كريهة وبغيضة وفظيعة.
وعلى ذلك أيضا، فإن قعود شعبنا وأمتنا عن نصرة الحق جريمة في الأرض وفي السماء في عنق كل قاعد، وخاصة في عنق الحكام والنخب والإعلام. وإن التخاذل والتقصير والتجاهل عند الغالبية والملل عند الأقلية وزر وذنب وجريمة وإن والذلة والخنوع والخضوع عواقبها خطيرة جدا، ولسوف تؤدي إلى تجرع العذاب والهوان والخسران والعبودية والهوان. فما الذي منع شعبنا من التظاهر مرة في الأسبوع وما الذي منع حكامنا من دعوة الشعب للتظاهر مرة في الأسبوع وما الذي منع نخبنا وإعلامنا وما الذي منع الفنان والإمام والعالم والعارف!!! 
وإنه من أتفه التفاهات اعتبار التظاهر غير مؤثر. فهو الذي يبعث الروح في الشعوب وهو الذي يرفع معنويات أهلنا في فلسطين ويساعدهم على الصبر والنصر ويشعرهم بقيمتهم في وجودنا ومصيرنا وهو الذي يرفع الوعي وهو الذي يريح الضمير وهو الذي يصرف المفاسد والأحقاد وهو الذي يرفع شأن الدول والأمم وهو الذي يهذب الحضارة وهو الذي يحصن الوطن ويفتح أمامه مستقبلا محترما بين الشعوب وبين الأمم.
إن ما حل بشعبنا الفلسطيني البطل على مدى قرن من الزمان وأكثر وعلى أقل تقدير على مدار خمسة وسبعين عاما بالتمام والكمال، لم يمنعه من البقاء والصمود وخوض معارك الوجود القاسية التي لم تر الإنسانية لها مثيلا ولا قبل لها بها على ما يبدو. و هاهو في اليومين الأخيرين خاصة تحت حمم الجحيم العدواني الشيطاني على كل صعيد، وخاصة من وادي غزة إلى صلاح الدين ومن دير البلح حتى رفح، حتى ان أحد الأطفال الميتمين الجياع ضحايا التشريد والصقيع والتدمير الجسدي والنفسي لخص كل شيء في عبارة يهتز لها عرش الرحمان قولا: "والله نحن بشر، والله نحن بشر". 
ولقد أتى الدرس أكثر من مرة من الشعب اليمني العزيز الحبيب (فضلا عن جبهات مساندة أخرى تضحي بالغالي والنفيس، غير ان اليمن يبقى نموذج النماذج باعتباره الأقرب معاناة من شقيقته فلسطين)، الذي عانى ويعاني كل صنوف ومرارات الحصار والتقتيل والتنكيل على مدار عشرية كاملة تقريبا، فتراه في الساحات والميادين وتراه على الجبهات كلها يفعل أقصى ما يستطيع ويتحدى ويفرض على جبابرة العالم ارادته بالنار بشكل لم يحدث منذ أربعة قرون على الأقل في البحرين العربي والأحمر وخليج عدن وكل من يقترب من مضيق باب المندب ليمد العدو بالسلاح والنفط والإمدادات المتنوعة في معادلة إنسانية عظيمة كان يجب على الكل أن يفرضها كل على طريقته: لا حق ولا منافذ للعدو دون وقبل حق الفلسطينيين في مرافق الحياة الدنيا. هذا بعد أن طال ويزال أم الرشراش (إيلات) وغيرها. ولذلك قلنا ونقول بلا أدنى مبالغة، واليمن يضحي ويعرض نفسه لحمم القوى العالمية العظمى بمدمراتها وبوارجها وغواصاتها النووية وطيرانها الحربي، لا خير ولا حياة للأمة العربية ما لم تكن يمنية؛ من لم يحتذ بالعزة اليمنية مات عبدا للصهيونية؛ إن اليمن لوحده كان أمة. 
إن المهمة الحالية العاجلة لا تقل عن كسر الحصار عن غزة بالقوة ومهما تكن الطريقة والنتائج. 
ولا يسعنا إلا أن نقول: اللهم خذ من دمنا ومن قوتنا ومن رزقنا ومن اعمارنا ومد أطفال غزة ببعض الأنفاس وقهم عذاب الجراح ومر القر والقهر والعجز والجوع والشر يا رب العالمين.

 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصد
07:00 - 2024/04/21
لم يكن قصف القنصلية الايرانية في دمشق عملا عبثيا وانما عملا مخطط له هدفه خلط الاوراق اقليميا ودول
07:00 - 2024/04/21
-إذا كان الوعي من أعمال العقل،وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا،وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحي
09:16 - 2024/04/15