مع الشروق ..ملف الهجرة غير النظامية: لا للمزايدة .. ولا للضغوطات ..

مع الشروق ..ملف الهجرة غير النظامية: لا للمزايدة .. ولا للضغوطات ..

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/10

لا مجال أمام تونس اليوم، سلطة وشعبا، غير التمسك بالموقف الرسمي الذي أعلنه أعلى هرم السلطة في البلاد أكثر من مرة  حول موضوع الهجرة غير النظامية من جنوب الصحراء الافريقية الى بلادنا، وهو أن الملف هو  ملف أمن قومي بالأساس. وعكس ما يحاول البعض الترويج له، فإنه لا علاقة لهذا الملف بأية تهمة من التهم الخطيرة التي يحاول البعض، في الداخل وفي الخارج، توجيهها الى سلطات بلادنا وخاصة إلى شعبها بعد أن عبر عن مخاوفه من تطورات غير محمودة العواقب لهذا الملف.
فهذا الملف لا يجب أن يقبل المزايدة والضغوط من أي طرف كان، داخليا أم خارجيا، بتُهم من قبيل "انتهاك حقوق الانسان" و"العنصرية" و"رفض الآخر" وغيرها من التّهم التي يريد البعض من خلالها وضع بلادنا في الزاوية لتركيعها حتى تقبل بتوطين المهاجرين غير النظاميين على أراضيها بطريقة فوضوية وخطيرة وفيها مسّ من الأمن القومي ومن الاستقرار الاجتماعي، أو بأن تتحول إلى سجن كبير لهؤلاء لمنعهم من العبور نحو شمال المتوسط.
وليتذكر كل من يسعى إلى المزايدة على بلادنا واتّهامها واتّهام شعبها بتهم خطيرة ذات علاقة بحقوق الانسان الكونية وبالعنصرية، في محاولة للضغط عليها لتقبل باملاءات قد تمس من سيادة قرارها ومن أمنها القومي، أن تونس كانت خلال فترة حكم أحمد باشا باي (1837/ 1855) أول بلد في العالم يلغي العبودية والرق بوثيقة رسمية منذ سنة 1846، بعد أن منع سنة 1841 الاتجار في الرق وبيعهم في أسواق البلاد وهدم الدكاكين الخاصة بذلك. وقد سبقت تونس بهذا القرار دولا "كبرى" تحاول اليوم ولو بطريقة غير مباشرة إلصاق تلك التهم الواهية والخبيثة ببلادنا.
وأكثر من ذلك فإن تونس كانت سبّاقة عربيا وافريقيا منذ سنة 1977  في إحداث جمعية تعنى بحقوق الانسان وهي الرابطة التونسية للدفاع التي تواصل إلى اليوم نضالها ونشاطها الوطني والكوني الهادف إلى حماية حقوق الإنسان مهما كان لونه وانتماؤه العرقي والديني.. فضلا عن فسح المجال على مر السنين أمام عديد مكونات المجتمع المدني للنشاط في المجال ذاته بكل حرية ..
وتونس، على مر التاريخ وإلى حد اليوم، هي ملتقى التداول الحضاري و التعايش السلمي بين مختلف الأصول العرقية والدينية مهما كان لونها وجنسها .. وهي السبّاقة أيضا عربيا وافريقيا في التوقيع على مختلف المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات ذات العلاقة بحقوق الانسان الكونية وحقوق اللاجئين والفارين من بؤر الحروب والتوتر. وبالنسبة إلى الأشقاء من دول جنوب الصحراء الافريقية لم تنقطع تونس يوما عن الترحيب بهم، وفي غالب الأحيان دون تأشيرة دخول، سواء للدراسة أو العلاج أو العمل في القطاع الخاص أو ضمن الهياكل الأممية والافريقية والدولية المستقرة بتونس.
كل ذلك يؤكد أن ملف المهاجرين غير النظاميين يجب أن يظل بعيدا عن كل أشكال المزايدة الداخلية والخارجية وعن كل أشكال الضغوطات التي تحاول بعض الأطراف الداخلية والخارجية الترويج لها لإظهار بلادنا وشعبها في مظهر الرافض للآخر والمعادي للتعايش السلمي بين البشر.. وكل ذلك يؤكد أيضا أنه آن الأوان لأن تكون الدولة أكثر شجاعة وجرأة في التعاطي مع هذا الملف للتصدي لكل التّهم التي يقع الترويج لها في إطار مزايدات لا غاية من ورائها غير مزيد من الضغوطات والاملاءات..
لا مجال اليوم في تونس بالنسبة لملف الهجرة غير النظامية غير التمسك بالموقف الرسمي المعلن ، والذي يعطي الأولوية للأمن القومي للبلاد ولاستقرارها الاجتماعي والاقتصادي قبل كل شيء ولرفض كل أشكال الفوضى وخرق القانون.. لكن في المقابل يجب أن يكون هذا الموقف الرسمي أكثر وضوحا وأكثر جرأة لكشف الحقائق والألغاز المحيطة بهذا الملف حتى تتوقف كل المزايدات والضغوطات التي تتعرض لها البلاد دولة وشعبا ويقع إيجاد حلول جذرية له قبل تفاقم التطورات نحو الأسوإ..
فاضل الطياشي 
 

تعليقات الفيسبوك