مع الشروق..حكومة الكفاءات... حكومة كل التونسيين

مع الشروق..حكومة الكفاءات... حكومة كل التونسيين

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/08/12

عندما اختار رئيس الحكومة المكلف التوجه نحو تشكيل حكومة كفاءات مستقلة بدا لبعض الأحزاب أنه أتى شيئا من قبيل العجب العجاب... ليصل الأمر بالبعض  حد الحديث عن انقلاب على نتائج الانتخابات... وبالبعض الآخر حد التهديد والوعيد بالترصد للحكومة ا لجديدة وإسقاطها في امتحان التزكية في مجلس النواب...
هذا الحديث لا يستقيم لعدة أسباب:
ـ أولها أننا خرجنا منذ فشل حكومة السيد الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان من منطق الشرعية الانتخابية المستندة إلى نتائج الانتخابات. وبالمحصلة فإن حركة النهضة التي حازت المرتبة الأولى في الانتخابات الفارطة تكون بسقوط حكومة مرشّحها في البرلمان قد فقدت زمام المبادرة لحساب مسار آخر يتولى فيه رئيس الدولة تكليف الشخصية الأقدر بتشكيل الحكومة.
ثانيها: أن تكبيل الشخصية الأقدر بنتائج الانتخابات يفرغ هذا الاختيار وهذا التوجه وهذا المخرج الدستوري من كل مضامينه فما الفرق حينئذ بينه وبين مرشّح الحزب الفائز بالانتخابات إذا كان الاثنان سوف يستندان إلى نتائج الانتخابات ليكون «الأقدر» بالتالي رهينة لإرادة الأحزاب التي ضيّعت فرصتها في تشكيل الحكومة حين عجزت عن تمريرها في البرلمان.
ثالثها أن الأحزاب قد ضيّعت على البلاد وعلى الشعب قرابة عشر سنوات. لم تكن سنوات عجافا فحسب... بل إن أمور البلاد ما فتئت معها تتدحرج إلى أدنى المستويات وعلى كل الصعد وفي كل الميادين والمجالات... ووفقا لكل المؤشرات... هذا علاوة على تلك المشاهد المقزّزة لخلافات لا تنتهي ولنزوع مفضوح للتهافت على المغانم والكراسي والمنافع في حين يزداد اقتصاد البلاد انهيارا وانحدارا وتزداد القدرة الشرائية للمواطن تدهورا... وتزداد البطالة انتشارا والعملة الوطنية تدهورا... أما عن هيبة الدولة فحدث ولا حرج... وكل هذه معطيات تدين الأحزاب وتدلّل على فشلها وتكفي نظريا لجعل اللاهثين وراء الكراسي منهم ينكفئون على أنفسهم ويتركون زمام المبادرة لكفاءات غير متحزّبة عساها تنجح حيث فشلوا.
ـ رابعا: أن حكومة الكفاءات المستقلة عن الأحزاب لن يأتي أعضاؤها من كوكب آخر. بل هم تونسيون لحما ودما.. وهم بكل تأكيد أهل خبرة وتجربة وأهل دراية بالملفات... وهم يملكون من المقومات ما يجعلنا نتوسم فيهم الخير. ونتوقع لهم النجاح علاوة على أنهم يقفون على نفس المسافة من الجميع. وسيكون العنوان المحدد لاختيارهم الكفاءة ونظافة اليد والولاء المطلق لتونس ولشعبها وليس لرايات حزبية جرّبت فخابت...
ـ خامسها أن هذه الحكومة المستقلة عن الأحزاب ستكون حكومة كل الأحزاب. بل حكومة كل الشعب... وسيكون ديدنها حلّ الملفات الحارقة التي حددها السيد هشام المشيشي في 5 نقاط يدركها الجميع. وفشلت كل الأحزاب حتى الآن في التعاطي معها بالكفاءة والنجاعة المطلوبتين.. وطالما أنها ستكون حكومة كل الشعب وبالنتيجة حكومة كل الأحزاب فلم لا تتوافق الأحزاب على تشكيل حزام سياسي داعم لها لتمكينها من كل أدوات النجاح بما أن نجاحها سيكون نجاح الجميع. وكما أن نجاحها سوف يعني إنقاذ تونس من انهيار وشيك تكدّست نذره وتجمعت أسبابه.
ولتنظر الأحزاب في هذه المعطيات ولتقلب المسألة مليا وليخرج الرافضون والمتثائبون واللاهثون وراء المحاصصات والمغانم والمكاسب من خيمات أحزابهم وقبائلهم السياسية إلى سماء الوطن. وليتقوا الله في البلاد والعباد وليفكروا ولو لمرة في الراية الوطنية وينسوا الرايات الحزبية قبل أن يخرج زمام الأمور نهائيا من أيديهم بالذهاب إلى حل البرلمان وانتخابات جديدة أو بسقوط البلاد  في هاوية الانهيار والفوضى.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك