مع الشروق..إعمار... بعد الدمار

مع الشروق..إعمار... بعد الدمار

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/10/26

والبلاد التونسية تناقش مشروع ميزانية 2021، وتنظر في إمكانيات التداين الداخلي والخارجي وغيرها من المسائل المعقدة والمتشعبة لمجاراة الوضع المالي المتأزم بالبلاد، يقفز خبر صوته قريب منا، أو كأنه منا، حققته المفاوضات بين حكومة الوفاق الليبية والجيش الوطني يتم بمقتضاه وقف إطلاق النار في عموم الشقيقة ليبيا.
هذا الاتفاق وبعد سنوات من التطاحن والتقاتل سيشكل نقطة تحول لا في الجارة ليبيا فقط، بل في كل الدول الشقيقة والصديقة منها، وحتى التي نجحت منها في وضع موطئ قدم لها بالمرتزقة والسلاح، أو بالديبلوماسية وغيرها من المسالك والمداخل للنيل أو للنهب من ثروات وطن جريح ..
لن نتوقف عند العلاقات التونسية الليبية، فهي تتجاوز الحديث عن الجارتين اللتين تربطهما أواصر أخوة راسخة، عريقة ومتينة، لم تتأزم ولم تتأثر بالهزات والمطبات، فتونس كانت ولاتزال في صف الشعب الليبي الشقيق تدعمه وتتضامن معه في تطلعاته المشروعة نحو الأمن والاستقرار والوحدة، بالبحث عن حل ليبي ليبي دون تدخل أجنبي، وهو ما لا ينكره فرقاء ليبيا في الشرق والغرب.
هذا الأمر معلوم بالضرورة، ومساعينا رغم بعض «الزلات» والاجتهادات الخارجة عن ثوابت الديبلوماسية التونسية في بعض الأحيان، لا يرتقي لها الشك في جديتها والتصاقها بمشاغل دولة جارة تتطلع اليوم إلى الاستقرار والأعمار من جديد، وستتحول تبعا لذلك إلى أكبر حظيرة ضخمة هنا قربنا، بل بيننا ..
إعمار ليبيا التي أتت عليها النيران والقنابل الداخلية والخارجية، ليس بالأمر السهل والهين، فحلفاء هذا الشق أو الشق الآخر، سيقفزون على الحبال وبين رائحة البارود ومخلفات الدمار لافتكاك الأسواق وتقديم الخدمات لإصلاح ما أتوا عليه بالأمس ..ستحتاج ليبيا إلى مؤتمرات ولقاءات لإعادة الإعمار علينا التعجيل باستقبالها وتنظيمها ..
  الدمار الحاصل بالجارة، ليس مجرد يد عاملة كما تعودنا على ذلك، ليبيا وبهذا الاتفاق التاريخي هندسة وطب وخدمات واتصالات ونقل وفلاحة وتجارة وصناعة وطرقات وجسور ومدارس وإدارات وثقافة وإضاءة وقنوات مياه وبترول ونفائس وخيرات طبيعية..
سلة الاستثمارات قد تتجاوز الـ200 مليار دولار وهي قيمة الأموال المجمدة في شكل أصول وأسهم وودائع وحسابات بنكية في عديد الدول الأوروبية بقرار أممي بسبب الفوضى التي عرفتها الشقيقة ليبيا لسنوات..
هذه المبالغ المالية الخيالية تنتظر الفكر والفكرة والخبرة والكفاءة التونسية، وللاقتراب من هذه السلة علينا أن لا نقتصر على الديبلوماسية والعلاقات السياسية والاقتصادية الكلاسيكية، على كل تونسي أن يتحرك من جانبه، دولة، سياسيين، اقتصاديين، رجال أعمال، مجتمعا مدنيا، جمعيات، منظمات، غرفا تجارية وصناعية وإدارات ومعارض شركات ومؤسسات ..الكل عليه أن يشد الأحزمة في اتجاه الجارة، فمشاريع الإعمار هنا على مقربة منا، بل بيننا، والأفواه المفتوحة كثيرة.. 
هنيئا للجارة ليبيا الأقرب منا دما وروحا وحضارة وتاريخا، بل هنيئا لنا باستقرار ليبيا وإعمارها..
راشد شعور

تعليقات الفيسبوك