مع الشروق..إجراءات هامة... لكن غير كافية

مع الشروق..إجراءات هامة... لكن غير كافية

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/10/30

لا تكفي الإجراءات التي أعلنتها الحكومة للتوقي نهائيا من خطر كورونا بل يجب أن ترافقها إرادة حقيقية من الدولة لتوفير كل ظروف التوقي من العدوى ولإيقاف مُعاناة المصابين. فاليوم توجد قناعة لدى أغلب المواطنين بأن الوضع العام على غاية من الخطورة ليس فقط بسبب التفشي السريع للفيروس الخبيث بل بسبب الهواجس والمخاوف من عدم قدرة الدولة على تلبية حاجيات المصابين في الحصول على سرير في مستشفى لتلقي العلاج أو الاسعاف بالأوكسيجين وأيضا بسبب عدم توفر ظروف معيشية ملائمة تحد من خطر العدوى أبرزها تعميم قضاء مختلف الشؤون عن بعد.
كل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة ستسقط في الماء بمجرد أن يجد المواطن نفسه وسط حافلة مكتظة وهو يتجه إلى مقر عمله أو واقفا في طوابير مراكز البريد والإدارات العمومية والبنوك لقضاء شؤونه.. فمنذ الموجة الاولى لأزمة كورونا، أطنب المسؤولون في الترويج  لـ"الخدمات عن بعد" ليتضح في ما بعد أن ذلك كان مجرد "بيع أوهام"  ولم يتحقق منه أي شيء على أرض الواقع. وهو ما يتطلب اليوم التسريع باستكمال المنظومة القانونية للمعاملات عن بعد للحد من التنقل الى الإدارات، وتحسين خدمات الانترنات والتقليص من تكاليفها لتسهيل العمل عن بعد من المنزل وبالتالي تفادي التنقل والاكتظاظ في وسائل النقل.
ولا يكفي اتخاذ اجراءات وقائية بل يجب أن تتبعها إجراءات عملية وواقعية داخل المنظومة الصحية تؤدي إلى تسهيل استقبال المصابين في المستشفيات إذا ما تواصل ارتفاع نسق العدوى. وهو ما يُحتّم على الدولة تخصيص مزيد من الاعتمادات المالية من ميزانيات وزارات وهياكل عمومية أخرى لتجهيز المستشفيات وإحداث مستشفيات ميدانية جديدة بالقاعات الرياضية المُغطاة في كامل أنحاء البلاد وتجهيزها بأسرة انعاش وأسرة أوكسيجين وانتداب أطباء وممرضين ومساعدين استشفائيين والتحسيس بأهمية العمل التطوعي.
إن التوقي من خطر فيروس كورونا لا يمكنه أن يتحقق فقط بالإجراءات الرّدعية تجاه المواطن وبالحد من حرياته وبمنعه من التنقل للعمل أو لقضاء شؤونه أو بحرمان أبنائنا من الدراسة او بالتسبب في مضرة لبعض القطاعات الاقتصادية الحساسة، بل بحزمة من الإجراءات المتكاملة التي تُسهل حياة المواطن وتجنبه عناء التنقل وتعفيه من التواجد في الأماكن المكتظة وتنظم التنقل عبر وسائل النقل العمومي وتُسهل الدراسة والعمل وقضاء الشؤون "عن بعد". أما إذا ما تواصل حال وسائل النقل العمومي على ما هو عليه وإذا ما تواصل فشل الدولة في إرساء منظومة للمعاملات الإدارية والمالية عن بعد وتواصل إصرار الإدارات على التعامل المباشر مع المواطن وعبر الوثائق والأوراق وتواصل حال المستشفيات على ما هو عليه فإن خطر الوباء سيتواصل حتى وإن وقعت العودة إلى الحجر الصحي الشامل.
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك