مجلس المنافسة يطلق معركة مباشرة ضد الريع

مجلس المنافسة يطلق معركة مباشرة ضد الريع

تاريخ النشر : 13:35 - 2024/04/30

رسخت التعقيدات الإجرائية في البلاد طيلة عقود مشاكل الريع والاحتكار والإخلال بقواعد المنافسة، مما خلق نظاما ريعيّا مربحا لبعض الأطراف النافذة، تسعى السلطات الى تفكيك هيمنتها على السوق من خلال تفعيل آليات قانونية عديدة ترتكز بالخصوص على دعم اعمال مجلس المنافسة وكافة الأطراف المعنية بمجابهة المضاربة والإثراء غير المشروع.
دعا مؤخرا مجلس المنافسة للتبليغ عن المخالفات القانونية في مجال المنافسة التي تؤدي إلى هيمنة مؤسسات وشركات دون غيرها على السوق، وترفع الممارسات الريعية والاحتكارية. 
وتأتي الدعوة تزامناً مع دعوات لإعادة تنظيم السوق وفسح المجال أمام صغار المستثمرين للنفاذ بشكل أوسع داخل المنظومة الاقتصادية التي تهيمن عليها بعض الأطراف.

وضبط مجلس المنافسة حزمة المخالفات المشمولة بالتبليغ، ومن بينها عرقلة تحديد الأسعار والحد من دخول وحدات أخرى للسوق أو الحد من المنافسة الحرة وتقاسم الأسواق أو مراكز التزويد. وتشمل هذه المخالفات أيضاً الاستغلال المفرط لمركز هيمنة على السوق، أو فرض أسعار دنيا لإعادة البيع.
وقال مجلس المنافسة في بيان أصدره في الغرض إن الغاية من هذه الإجراءات "مجابهة الاحتكار والممارسات غير المشروعة في مجال المعاملات". ويشكل التوزيع العادل للثروة بين المواطنين محل اهتمام كبير لهيئات عديدة حيث طالما انتقدت تلك التي اشتغلت بشكل خاص على هذا الملف احتكار فئة قليلة من الأطراف للثروة وتحكّم لوبيات اقتصادية بالسوق، التي تستفيد من ضعف آليات مراقبة المنافسة، ما سبّب إقصـاءً للمؤسسـات الصغيرة وعدم تمكينها من الموارد والقروض الماليـة حتى تتطور.
ووفق دراسة لمكتب منظمة أوكسفام في تونس تحت عنوان "العدالة الجبائية، لقاح ضد التقشف"، فإن 10% من النافذين يتحكمون بأكثر من 40% من الدخل الوطني، مشيرة إلى أن النظام الجبائي يُعاقب الفئات المتوسطة والفقيرة عبر أشكال ضريبية مُجحفة، بينما تُحرَم الدولة من إيرادات مهمة بغضّ الطرف عن المستثمرين بشكل غير مشروع.
في جانب اخر، يبدو ان الأوضاع في البلاد تحتاج إلى قنوات تبليغ عن الريع أو الممارسات الاحتكارية، علما أن هذا المخالفات الاقتصادية غير واضحة في اغلب الحالات ولا يمكن رصدها وتقصّيها بسهولة علما أن الدول التي نجحت في مكافحة الريع اعتمدت على أجهزة نافذة في تنفيذ القرارات التي تتخذ ضد المخالفين. ومن المؤكد في ذات السياق ان السوق التونسية تحتاج إلى ضابطة عدلية يوكل إليها تنفيذ الأحكام التي تصدر عن مجلس المنافسة ضد المؤسسات الريعية والمحتكرة.

ويمكن ان يكون مجلس المنافسة الذي له صلاحيات واسعة أن يكون أداة فاعلة في تنظيم السوق، وهو ما يدعمه بالتأكيد التمشي الجديد لتفعيل آليات التبليغ مع ضرورة ان تكون مصحوبة بآليات تنفيذ العقوبات ضد المخالفين. وتسعى من جهتها وزارة التجارة الى جانب مجلس المنافسة، لمجابهة الممارسات الريعية والاحتكارية، ما يفسر نجاح السلطات في وضعيات مختلفة في تفكيكها، باعتبار أن المؤسسات التي تُعَدّ في وضع هيمنة على السوق أصبحت محرومة من الامتيازات التي كانت متوفرة لها في السابق.
ونهاية العام الماضي، قال تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) حول "الأطر التشريعية لبيئة الأعمال في البلدان العربية" إن بيئة الأعمال في تونس تطورت، ورصيدها العام المعتمد من قبل المنظمة الأممية، في هذا المجال، تحسن بشكل واضح بالنسبة من 2.93 نقطة في 2020 إلى 4.18 نقاط في 2023.
وأكّد التقرير أن تونس تعمل حالياً على تعزيز الإصلاحات المؤيدة للمنافسة، فقد نشط مجلس المنافسة في أداء مهامه، وفقاً للتقرير، واضطلع بالعديد من الأنشطة في مختلف القطاعات، بما في ذلك الصحة والمصارف والاتصالات.

ارتبط اقتصاد الريع لعقود بالسلطة، ومحاربته تستوجب استقلالية القرار، وهذا يستدعي إعادة النظر في زوايا عدة تتعلق بالخطوات القانونية والإجرائية سيما ان اقتصاد الريع لا يشجع المنافسة النزيهة والحرة، بل يحتكر القطاعات المربحة من قبل عدد قليل من الفاعلين الذين يتمتعون بوضعية كارتل.
تاريخياً، يعود ظهور المجموعات اللوبيات القوية في تونس إلى سبعينيات القرن الماضي، بفضل التشجيعات السخية، وقد سمحت بخلق طبقة متنفذة في القطاعات الصناعية والسياحية، أصبحوا لاحقاً في مواقع شبه احتكارية في بعض القطاعات.
وخلال العشرية الأخيرة تعاقبت على الحكم عدة حكومات، لكنّها لم تنجح جميعاً في تحقيق الانتقال الاقتصادي المنشود، بل ظلّ الاقتصاد رخواً، وتواصل ضعف النمو، وهيمنة أطراف بعينها على السوق.
وفي الفترة الأخيرة تم الإعلان على عدة إجراءات لإزاحة كل العراقيل أمام المؤسسات الصغيرة، وفتح سوق المنافسة على مصراعيه، وهو ما تجسد عبر تكثيف جهود المراقبة وتفكيك شبكات اقتصادية نافذة عديدة.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

سجل معدل التضخم في المغرب ارتفاعا خلال أبريل الماضي، بدعم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
14:43 - 2024/05/21
قال متعاملون أوروبيون، اليوم الثلاثاء، إن ديوان الحبوب في تونس طرح مناقصة دولية لشراء ما يقدر بنح
13:47 - 2024/05/21
تلعب البنوك دورا حاسما في تمويل الاقتصاد التونسي، وهو ما تظهره أحدث البيانات الرسمية إذ يعادل تقر
13:17 - 2024/05/21
يشهد الميزان التجاري للبلاد، منذ مدة تحسنا مطردا في رصيده مدفوعا، من جهة بالتحكّم في الواردات وتح
07:00 - 2024/05/21
تم التمديد من 20 ماي 2024 إلى غاية يوم 16 جوان 2024 بالنسبة لبرنامج مساندة المؤسسات الصغرى المتعث
07:00 - 2024/05/21
 تحصلت المؤسسات الناشطة في قطاع زيت الزيتون المعلب هذا الأسبوع على 26 ميداليّة (12 ذهبية و 14 فضي
07:00 - 2024/05/21
فازت تونس، اليوم الاثنين 20 ماي 2024، بالمرتبة الأولى وحصدت 28 ميدالية ذهبية في "المسابقة الإسكند
22:23 - 2024/05/20
يشهد الميزان التجاري للبلاد، منذ مدة تحسنا مطردا في رصيده مدفوعا، من جهة بالتحكم في الواردات وتحس
18:50 - 2024/05/20