مع الشروق.. عبـــث مــا بعـــده عبـــث

مع الشروق.. عبـــث مــا بعـــده عبـــث

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/03/02

في وقت كان  الأجدر فيه أن تتصارع كل الأطراف من أجل خدمة هذا الشعب المكلوم، يواصل مسؤولو هذه  البلاد خوض الصراعات الشخصية الضيّقة و المقيتة التي يظل عنوانها الأساسي "الدفاع عن الكرسي".
مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية، زادت رؤوس الدولة هي الأخرى في تشديد معركة "كسر العظام" في ما بينها، وكأن كل الظروف والأطراف تآمرت على مصير هذه البلاد.
معركة "كسر العظام" هذه وصلت الى مرحلة من العبث غير مسبوقة في تاريخ البلاد حيث "يتناطح" الجميع بمؤسسات الدولة ويستغلونها في خصومتهم في وقت كان الأصلح فيه أن يظلوا في قيمة وهيبة  تلك المناصب والمؤسسات.
ما معنى أن يصل العبث الى أن تعلن رئاسة الحكومة أنها ستفتح تحقيقا "فوريا" حول ملابسات دخول تلاقيح كورونا وكيفية التصرّف فيها وتوزيعها نافية    علمها بوصولها أو بمصدرها؟
أليس رئيس الحكومة هو نفسه وزير الداخلية ومن المفترض أن يعلم حتى بدبيب النملة داخل هذا البلد وأي شيء يدخل أو يغادر ترابه؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه تسجيل نقطة على خصمه في قصر قرطاج؟
إن كانت رئاسة الحكومة تعلم وادعت أنها لا تعلم فهذا عبث أما ان كانت فعلا لا تعلم فهذا أيضا كارثة وإيذانا بأن المعركة وصلت مرحلة لا تطاق سخّر فيها كل شيء من أجل الفوز الشخصي.
كان لافتا السبت الماضي مدى اشتداد هذه المعركة الشخصية بين رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ورئيس الجمهورية حين اختار كل طرف منهم الاستعراض في مكان ما.
ففي حين كان رئيس البرلمان يلقي خطبته العصماء أمام الحشود الغفيرة في شارع محمد الخامس مبشّرا إياهم بالوضع الاقتصادي والسياسي "المبهر" للبلاد، كان رئيس الجمهورية في القيروان يعاين سراب المدينة الصحية.
وعلى نفس المنوال وبرفقة "حليف اللحظة" رئيس اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي، كان رئيس الحكومة هشام المشيشي في باجة أين أشرف على تدشين المركز التكنولوجي.
إذن نحن لسنا بصدد دولة هنا وإنما دويلات اختار أصحابها أن يؤسسوها لأنفسهم في معركة استقطاب ثلاثية حادة دهست بين أرجلها كل آمال هذا الشعب وتركته ينازع مصيرا مأساويا.
وفي وقت كان فيه لزاما أن يكون التنازل هو سيّد جميع المواقف فإن العكس هو ما وقع، و أصبح التصعيد يأخذ يوما بعد يوم منحى المواجهة في انتهاج واضح لسياسة الأرض المحروقة.
لا ندري عاقبة هذا الصراع العبثي الأناني أين ستصل وكم من الأثمان ستدفع وكم من عقود من الزمن ستدفعها الدولة والأجيال القادمة من عمرها لإصلاح ما أفسد، ولكن الأكيد أن الجميع سيكون خاسرا لا محالة.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك