"آخر الموريسيكيات" رواية جديدة للكاتبة خديجة التومي4\1

"آخر الموريسيكيات" رواية جديدة للكاتبة خديجة التومي4\1

تاريخ النشر : 12:57 - 2020/06/05

عن دار البشير للثقافة والعلوم المصرية صدرت رواية جديدة للكاتبة خديجة التومي حاملة لعنوان " آخر الموريسيكيات "مع إضافة عنوان ثان فرعي لأنه كتب بخط رقيق وهو : قلب أندلسي،، وذلك دون الإشارة إلى العناوين السابقة للكاتبة حتى يتوهم القارئ الذي لم يطلع على إنتاجها أنه أمام باكورة أعمالها. 
وأظن أن الناشر اجتهد كثيرا في تقديم الرواية في أحسن صورة ومظهر والأكيد أن من يتم قراءة فصول الرواية سيتأكد من هذا النجاح.
فقد تضمن غلاف الرواية رمانتين معلقتين في أعلى الغلاف وكتب بينهما بالأبيض عبارة: رواية أندلسية ،، أما تحتهما فوضع اسم الكاتبة باللون الأحمر الرماني ليتوسط اسم الرواية بالأبيض في الغلاف وهو: آخر الموريسيكيات،، لنجد تحته العنوان الفرعي بالأبيض أيضا لكن بخط رقيق وهو:… قلب أندلسي ، لنجد أسفل الكتاب صورة ليدي امرأة وهي تقسم نصف رمانة وبينهما اسم دار النشر وهي : دار البشير. وحين نفتح الغلاف الداخلي للرواية نلاحظ حصول بعض التغيير حيث تحذف كلمة رواية أندلسية لتوضع جملة جديدة وهي : في صندوق شورية… شاشية من دمي وفراشية. 
ومن وجهة نظري كقارئ أرى أن كل ما ذكرته سابقا كانت له دلالات كبيرة في تحديد زاوية النظر التي قادتني أثناء اطلاعي على أحداث الرواية والتي أرى أن الكاتبة اجتهدت كثيرا في توظيفها سواء تعلق الأمر بالعناوين أو بالفصول أو بالتصادير  التي اختارتها لفصول الرواية أو للتصدير العام للرواية والذي اقتطفته من كتاب امرأة سريعة الغضب لواسيني الأعرج والذي جاء فيه : عندما تخبرك العصافير وصدفة الرباح بموتي لا تأتيني بالورود ، اصمت  طويلا أمام قبري واقرأ علي فقط فاتحة الغياب ، وقل في خاطرك حتى لا تسمعك الكواسر … كنت أحبها ، وامض إلى سبيلك.  ( ص 5).
وأشير إلى أنني حرصت على تقديم كل هذه العتبات إلى القارئ لشعوري بقيمتها في فك شفرات ما تضمنته الرواية من أحداث ومواقف جاءت على لسان الشخصيات وربما يعود كل هذا إلى إيمان يسكنني ويدفعني إلى فك شفرات جميع إيحاءات النص باستغلال جميع العتبات لأنني لا أؤمن بالصدفة أو التلقائية في اختيار هذه العتبات حتى وإن تخفى الكاتب وراء عدم اطلاعه على بعض هذه العتبات لأنها من اختيار الناشر مثلا. وهنا أشير إلى أن قناعتي دوما تتلخص في أن كامل الكتاب يمثل صاحبه وحتى إن تدخل الناشر فالكاتب يتحمل كامل المسؤولية.
ويلاحظ المتابع لكل هذه العتبات أن قارئ رواية ،، آخر الموريسيكيات ،، مقدم بالضرورة على متابعة عمل إبداعي يتضمن الكثير من المواقف والآراء والتي تتطلب تركيزا تاما وانتباها لجميع التفاصيل لأننا لن نتلقى بالضرورة سردا متماسكا ومتناسقا لأحدوثة مرتقبة بل إننا سنكون أمام نص متحرك يدفع المتلقي بالضرورة إلى تبني موقف مما سيقرأه. 
والأكيد أن هذا الكلام سيكون غير ذي معنى إذا لم نبين للقارئ البعض من العتبات الأخرى والتي أرى أنه من غير الممكن مطالعة الكتاب دون البحث عن سبب اختيارها واستغلالها في ترتيب الهيكل العام للرواية.
وكتأكيد لما ذهبت إليه أشير مثلا إلى اختيار الكاتبة تجزئة روايتها إلى ستة عشر فصلا انطلق أولها معنونا : - الظهيرة - لتنتهي أحداث الرواية في فصلها السادس عشر والذي عنون أيضا : -الظهيرة - وكأنها كانت تدفع كل قارئ إلى كتابة روايته من خلال اطلاعه على أحداث النص.
كما اختارت الكاتبة تصدير جميع فصول الرواية بمقولات لأعلام وشعراء توزعت كالآتي :
- محمود درويش……………الفصل الأول والخامس. 
- ابن زيدون ………… الفصل الثاني
- أبو العلاء زهر………الفصل الثالث
- أبو تمام ……………الفصل الرابع 
- ابن عربي……… الفصل السادس والثامن والتاسع والسادس عشر
- علي بن أبي طالب …… الفصل السابع
- آدم فتحي ………الفصل العاشر 
- بحري العرفاوي ……الفصل الحادي عشر والرابع عشر
- جبران خليل جبران ……… الفصل الثاني عشر
- الكتاب المقدس ………… الفصل الثالث عشر
- أبو الطيب المتنبي ……… الفصل الخامس عشر
ونلاحظ من خلال ما تقدم تنوع اختيارات الكاتبة لهذه التصادير رغم غلبة ،، ابن عربي ،، بأربع اختيارات دون وقوع الرواية في أسلوب المتصوفة. وربما حاولت الكاتبة تنويع اختياراتها حتى لا توقع نصها في تأويل واحد بل إنها راوحت بين الحديث والقديم وبين الديني والأدبي وبذلك أرى أنها نجحت في المحافظة على استقلالية مسار أحداثها حتى وإن اختلفنا معها في بعض التفاصيل.
والأكيد أن كل هذه الاختيارات لم تكن اعتباطية إذ يشعر القارئ دوما أن هناك رؤية جمالية وتأويلية تدفعنا من خلالها الكاتبة إلى التقيد بمدلولاتها وكأنها كانت تخاف من انزياح القارئ إلى زوايا نظر شعرت أنها كانت تتمنى عدم وقوعه فيها ولكنني أرى أن هذا الإصرار على توجيه القارئ نحو استنتاجات كانت تتمنى الكاتبة وصول القارئ إليها فيه الكثير من التجني عليه كما أرى أيضا أنه يتعارض أيضا مع مبدإ حرية التأويل لأن كثرة التصادير وتنوعها وبقدر ما عبرت عن اجتهاد الكاتبة فإنني أرى أنها ساهمت أيضا في ضرب حرية التأويل.
يتبع 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

-إذا كان الوعي من أعمال العقل،وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا،وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحي
09:16 - 2024/04/15
مرّت ذكرى يوم الطفل الفلسطيني الموافق للخامس من شهر افريل هذه السنة في ظروف صعبة لواقع الطفل الفل
09:16 - 2024/04/15
بقلم: محمد سعد عبد اللطيف (مصر) كاتب وباحث مصري ومتخصص في علم الجغرافيا السياسية
09:16 - 2024/04/15
ذكرى تونسة الأمن  هي ذكرى خالدة وعزيزة على كل التونسيين، تضاف إلى الذكريات الوطنية الأخرى في تونس
07:00 - 2024/04/14
بحسب رأيي وفي الوقت الحالي وأمام أهوال ما بلغه العدوان الصهيوني على شعبنا وأراضينا الفلسطينية الم
23:29 - 2024/04/10
قال: لولا التقلبات السياسية في أوروبا والتهديدات الألمانية لفرنسا سنة 1938 لتم الحكم على الزعيم ب
07:00 - 2024/04/08
لوقت غير بعيد و تحديدا ما قبل سنة 2011 كانت السياحة في تونس أول مموّل للمالية العمومية من العملة
07:00 - 2024/04/08