وجهة نظر: القناة الوطنية 2 بين تثمين الأعمال القديمة وتعرية الإنتاجات الجديدة

وجهة نظر: القناة الوطنية 2 بين تثمين الأعمال القديمة وتعرية الإنتاجات الجديدة

تاريخ النشر : 09:25 - 2020/04/07

مسلسلات درامية ،سيتكومات،حفلات ،حوارات مع أقطاب الفن التونسي والعربي ،مسرحيات ،حكايات العروي ،ومنوعات نجيب الخطاب ،كلها أعمال قديمة بقيمة وثائق فنية أُنتجت في فترات اختلفت سنواتها ولكن لم ينشق فيها الذوق العام على مدى السبعينات،الثمانينات وأول التسعينات حرصت قناة "الوطنية 2" على بثها للمشاهد وكبرت مساحتها هذه الأيام في فترة الحجر الصحي الشامل من جهة وخاصة بعد أن تأكّد ارتفاع نسبة مشاهديها رغم تكرار إعادتها عدة مرات مما قد يبعث بالعديد من الإستفسارات تتمحور حول مالذي يشدّ التونسي إلى هذه الأعمال؟ قد لا يكون الحنين إلى الماضي فقط بحكم أن هناك نسبة كبيرة من المشاهدين من الجيل الحالي مما قد قد يطرح مؤشرا برتبة نتيجة تؤكّد أن السبب ليس عمليات الإشهار ولا الإثارة المفتعلة بمختلف مظاهرها بل هو مضمون هذه الأعمال رغم تفاوتها الفني ورغم بساطة إالوسائل المعتمدة في تلك الفترات، زمن الأسماء التي لم يأخذها  إلى الفن إلا الرغبة والموهبة مما عكس تلقائية وصدق في الأداء حد الإقناع والتاثير في المشاهد وكانت طريقة اختيارهم مبنية على تلك المقاييس.

وكان ما يقومون به بعيدا عن حسابات نسب المشاهدة أو توظيف الإثارة وللأسف حُرِم المشاهد من هؤلاء المبدعين سوى بسبب الوفاة أو بسبب غيابهم وتغييبهم في زمن المراهنة فيه على الشكل ولا المضمون، وكانت الأعمال المنتجة في تلك السنوات مسرحية كانت أم تلفزية أم موسيقية أو إعلامية تستمد إبداعها من ذلك وما رسخته من خصوصية وبمدى قربها من المشاهد الذي يرى نفسه فيها ولا تشعره بالإغتراب، محققة معادلة الأداء والإقناع رغم بساطة المضمون أحيانا بعيدا عن أسهم الإثارة كالتي نراها في أيامنا هذه وعن سموم الممنوعات المتجاوزة لطقوس الحضور العائلي والبعد الأخلاقي في الإنسان فردا كان أم جمعا لذلك لم تكن أعمالا برتبة ظواهر بصرية ما إن يحرك أحدهم الفضول لمشاهدتها -رغم ارتفاع نسبة تلك المشاهدة - إلا تدخل في طي النسيان قبل أن تطالها تعبيرات الإستياء وخيبة الظن ولا يبقى منها شيئا في الذاكرة مثل عدة أعمال نشاهدها اليوم والتي  قبضت ثمن مصيرها مقابل ومضات الإشهار تاركة قيمة الخلود ، فبث الوطنية 2 لمثل تلك المختارات من الأعمال القديمة وتربعها على عرش نسب المشاهدة جعلها أعمالا"جديدة متجددة" ،خيار من إدارة هذه  القناة ليس لمجرد ملىء مساحات بث بل كان مقياسا حقيقيا للوقوف على قيمة تلك الأعمال بالرجوع إلى ما أصبح يقدم اليوم في معظمه سوى من أغان رديئة تُخطّ في لحظات أو سيتكومات لا تمتلك من الكوميديا غير السخافات أو الأعمال الدرامية التي غلبت عليها سماجة الإثارات ولا من أجل التسابق في بث الممنوعات مما جعلها أعمال غريبة عن العائلات التونسية وحتى عن المقاييس الفنية ،نزعت من البيوت دفئها فراح أفرادها يبحثون عنه في تلك الإنتاجات القديمة وهو ما يحسب للقناة "الوطنية 2 "التي أرجعت العائلات إلى قناتهم التلفزية وشكلت في نفس الوقت رسالة مضمونة الوصول لمراجعة رؤى ما سيقدم في قادم الفترات الزمنية من أعمال فنية في زمن اختلفت فيه المقاييس يقزّم فيه العمالقة ويُعملق فيه الأقزام ولكن "ما يبقى في الذوق كان حجرو" .  

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

اختتمت يوم الأحد فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان الدولي»إيتيكات للفنون والإبداع» الذي تنظمه ال
07:00 - 2024/04/23
اعلن اعضاء فرع اتحاد الكتاب التونسيين ببنزرت في بيان لهم مساء اليوم عن استقالتهم الجماعية معلنين
20:22 - 2024/04/22
تم اليوم الاثنين تأسيس المجمع المهني الوطني للصناعة السينمائية لكنفدرالية المؤسسات المواطنة "كونك
18:42 - 2024/04/22
تختتم الدورة 12 لعيد الرعاة هذا المساء بالمعهد العالي للغات بالمكنين بعرض للفنانة الإسبانية أستر
15:01 - 2024/04/22