مع الشروق: أزمةُ الدّواء .. أشدُّ فتكًا من «كورونا»

مع الشروق: أزمةُ الدّواء .. أشدُّ فتكًا من «كورونا»

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/11/22

تتواصل في تونس أزمة فقدان الدواء ويتواصل معها فشل الدولة في إدارة هذا القطاع الحساس رغم ما تتطلبه الوضعية الوبائية حاليا من يقظة وجديّة ومسؤولية في توفير مختلف الأدوية للمواطنين. فأصحاب الأمراض المُزمنة خصوصا من الفئات الاجتماعية الضعيفة أصبحوا يجدون صعوبات كبرى في العثور على أدوية السكري وضغط الدم والسرطان وغيرها في صيدليات المستشفيات العمومية وفي مراكز الصحة الأساسية وفي مصحات الضمان الاجتماعي. كما أن الصيدليات الخاصة أصبحت تفتقر إلى هذه الادوية أو تُوفرها بأسعار مرتفعة للغاية.
أزمة دواء كبرى لم يسبق أن عاشتها تونس وأصبحت تمثل هاجسا لكثيرين وبلغ الأمر في عديد الحالات حدّ التسبب في وفاة كثيرين خلال الفترة الماضية بسبب عدم القدرة على توفير دواء مرض مُزمن أو غيره من الأدوية. ولا تقتصر أزمة الدواء على فقدان أنواع من الادوية بل تشمل أيضا الارتفاع الكبير في أسعارها وفي أسعار مختلف المستلزمات الطبية وسط حالة من الفوضى والتسيب ومن ضعف الدور الرقابي للدولة والردع اللازم للتجاوزات.
ومنذ سنوات يتردد باستمرار أن الصيدلية المركزية، الهيكل المسؤول عن توزيع الدواء بصفة حصرية، تعاني من أزمة مالية بسبب عدم حصولها على مستحقاتها المالية من المستشفيات ومن الصناديق الاجتماعية، فأصبحت بالتالي عاجزة عن خلاص المزودين الاجانب والمحليين وهو ما دفع ببعضهم إلى قطع تزويدها بالدواء. لكن انتظار تجاوز هذه الازمة طال أكثر من اللزوم، وسط تساؤلات عن فشل الدّولة في إيجاد حلّ جذري لها واتهامها بالتوجه نحو رفع يدها عن هذا القطاع الحساس خاصة في ما يتعلق بدعم أدوية الأمراض المزمنة وبتوفيرها مجانا للمواطنين..
ورغم ما تقوله الأطراف المعنية عن تطور الصناعات الدوائية في تونس إلا أن ذلك لا ينعكس على ارض الواقع خاصة عند مقارنة بلادنا بدول أخرى، منها دول عربية وافريقية، حققت تقدما ملحوظا في القطاع وأصبحت توفر الاكتفاء الذاتي لشعوبها من مختلف الأدوية وتُصدّر إلى الخارج.  ولا يُعرف ايضا إن كان الأمر يتعلق بعجز المُصنّعين المحليين عن تلبية الحاجيات أم بسبب اكتفائهم بتصنيع أنواع معينة لا تلبي حاجيات التونسيين المتنوعة أم بسبب وجود رغبة في غلق الأبواب أمام مستثمرين آخرين قادرين على توفير المزيد من حاجيات البلاد من الدواء وعلى تنويع العرض للضغط على الأسعار ولتفادي التوريد من الخارج..
اليوم لم يعُد فيروس كورونا هو الخطر الوحيد الذي يُهدد حياة التونسيين ولا الحالة المُتردية للمستشفيات العمومية هي هاجسهم اليومي ولا التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوباء هي شغلهم الشاغل، بل انضافت إلى كل ذلك أزمة فقدان أدوية الامراض المزمنة وغيرها من الادوية الاخرى والتهاب أسعارها. وهو ما سيمثل في الفترة القادمة الخطر الأشدّ فتكا بالصحة العامة والمُهدّد الأكبر للأرواح خصوصا إذا ما تواصل فشل وعجز الدولة في التعاطي معه في خرق واضح لما نص عليه الفصل 38 من الدستور وما تنص عليه كل المواثيق والالتزامات الدولية حول الحق في الصحّة..
فاضل الطياشي  
 

تعليقات الفيسبوك