مع الشروق..رؤية مشتركــة ومصيــر واحد»

مع الشروق..رؤية مشتركــة ومصيــر واحد»

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/14

على قاعدة الأمن القومي المشترك والرؤية الموحّدة والحياد التام الذي رافق مواقفهما خلال أطوار الأزمة، تشكّل تونس والجزائر جبهة قويّة ذات مصداقية للعب دور محوري في إرساء السلام في ليبيا.
تونس والجزائر اللتان تتصدّران الدول المتأثرة بما يحدث في ليبيا أمنيا وسياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا، أصبحتا الآن أكبر الأطراف المؤهلة لإخماد الحريق الليبي وتحظى في ذلك بثقة طرفي النزاع.
ويبدو أن الزيارة التي أدّاها وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم أمس الى تونس حاملا رسالة هامة من رئيس بلاده عبدالمجيد تبون الى نظيره التونسي قيس سعيّد، تتنزل في اطار الاستعداد لقيادة المرحلة القادمة لمساعي السلام في ليبيا.
وقد أبرز بوقادوم في هذا الاطار التطابق الكبير في موقف البلدين إزاء الأزمة في ليبيا وعزمهما على العمل معا من أجل تجاوز الانسداد الحاصل حاليا، والذي يجب تجاوزه سريعا.
الدبلوماسية الجزائرية ذات الوزن المؤثر في المنطقة يمكنها أن تلعب دورا وازنا في الملف الليبي باعتبار أنها لا تساند طرفاً على حساب آخر كما هو الحال لبعض الدول مثل مصر وغيرها من الدول الاقليمية.
كما أن عدم تورط الجزائر سياسيا وعسكرياً واقتصاديا في هذه الأزمة يخوّلها، بالتشارك مع تونس، أن تفرض نفسها كقوة إقليمية يمكنها أن تتحدث إلى الأطراف الليبية المتنازعة والدول التي تدعمها مثل تركيا وفرنسا وروسيا.
هذه الأطراف التي تدفع ليبيا رويدا رويدا نحو التقسيم والتي تخوض صراعا شرسا من أجل ثرواتها لا من أجل أمنها واستقرارها ووحدتها ضاربة عرض الحائط بدور دول الجوار الليبي.
إن أكثر خطر يهدّد تونس والجزائر في ليبيا بالإضافة الى التهديدات المتعلقة بالأمن القومي، هو التقسيم، لذلك لا تريد أن تفكك هذا البلد بأي شكل من الأشكال، لأن ذلك سيمثل نار الخراب التي قد تطال الجميع.
لا أحد اليوم وخاصة تونس والجزائر، يقبل بأن تتحول ليبيا إلى غنيمة تتقاسمها القوى الخارجية على غرار روسيا وتركيا. بينما تبقى دول الجوار في موقف المتفرّج والمستسلم للأمر الواقع.
ويبدو أن التحركات التي تقوم بها الجزائر تصبّ في خانة منع هذا التفرّد بليبيا والنظر إليها على أنها مجرد حقول نفط وغاز وثروات باطنية أخرى، لا دولة مغاربية ذات سيادة ينسحب ما يحدث بها على دول الجوار.
وتكاد تونس والجزائر تكونان الدولتين الوحيدتين اللتين تنظران الى ليبيا من زاوية تحقيق الاستقرار فيها واحترام وحدتها الترابية لا من زاوية المصالح النفطية  والاقتصادية.
وتفيد بعض المصادر الدبلوماسية بأن الأطراف الليبية المتنازعة، طلبت من الجزائر لعب دور الوساطة. وستستقبل الجزائر قريبا حوارا ليبيا تحت إشراف الأمم المتحدة يؤسّس الى مرحلة جديدة من الحل.
هذا الحوار الذي يبدو أنه ستقوده الجزائر وتونس سيكون ربما اللّبنة الأولى لحوار ليبي- ليبي حقيقي يقود الى مرحلة جديدة تخوض فيها ليبيا غمار المسار الديمقراطي عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك