مع الشروق..دولة بصدد إضاعة الوقت ! !

مع الشروق..دولة بصدد إضاعة الوقت ! !

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/09/25

إذا ما تواصل الوضع العام في تونس على ما هو عليه اليوم فإن كبار المسؤولين والفاعلين في الدولة سيُحطمون أرقاما قياسية في العالم في إضاعة الوقت وفي تدمير كل آفاق التقدم والتطوّر السريع شتى المجالات. إذ لا يكاد يمر يوم واحد دون أن يُبدي كل منهم رغبة في صناعة أزمة من فراغ وتحويلها إلى جدل "وطني" عقيم لا ينفع البلاد في شيء، وفي إثارة غبار راكد يحجب عن التونسيين الاطلاع – كسائر الشعوب - إلى آفاق رحبة ومُضيئة..
تمرّ الأيام والأشهر والسنين والبلاد لم تتقدم ولو خطوة واحدة في مجالات التنمية والاقتصاد والرقي الاجتماعي والتطوّر العلمي والتكنولوجي، بل أكثر من ذلك تراجعت عديد المؤشرات والأرقام في هذه المجالات عمّا كانت عليه في العشرية الماضية وتمططت حالة الفراغ التنموي بعد أن أضاعت الدولة وقتا طويلا وثمينا استغلته دول أخرى للقفز بعيدا عنا. فمنذ 2011 إلى اليوم  لم يُنجز أي مشروع تنموي وطني كبير، ولم يتحقق أي إصلاح ثوري وجذري في مجال من المجالات التي تنتظر الإصلاح.. وطيلة هذه السنوات لم تُبن مدرسة واحدة، ولا معهدا ولا مستشفى ولا جسرا كبيرا أو طريقا سيارة ولا سكة حديدية، باستثناء استكمال مشاريع مُبرمجة ومدروسة منذ ما قبل الثورة. وفي المقابل ظل المسؤولون والفاعلون المتعاقبون منذ الثورة إلى اليوم يتنافسون على إضاعة الوقت في ما لا ينفع..
ومن خلال تصرفاتهم هذه، يكشف كل من تقودهم الأقدار إلى تحمّل مسؤولية قيادية صلب الدولة أن آخر همومهم هو ربح الوقت وأن آخر اهتماماتهم هو المستقبل لا سيما  مستقبل الأجيال الجديدة الذي يبدو غامضا بلا آفاق في بلد شاءت الأقدار أن تقوده قوى جذب إلى الخلف بدل الدفع إلى الأمام.. فالمسافة بيننا وبين الدول المتقدمة أو التي بصدد تحقيق نمو سريع في السنوات الاخيرة ما انفكت تبعد، والمؤكد أن بلادنا ستجد في الفترة القادمة صعوبات في الالتحاق بها بعد أن قفزت بعيدا عنا بأشواط في مجال التنمية والاقتصاد والرّقي الاجتماعي.
اليوم، يتمنى التونسيون رؤية كبار مسؤولي دولتهم وهم يُضيعون وقتهم في الجدل والنقاش حول مشاريع وطنية كبرى وحول أفكار وقرارات "ثورية" تُصلح ولا تُفسد وتحقق التقدم ولا تجذب إلى الخلف، وتضيء الطريق أمام الأجيال الجديدة ولا تُعتّمها، بدل إضاعته في صراعات وتجاذبات يومية لا تهم المواطن في شيء، وفي إثارة أزمات دون موجب.. ويتمنون منهم المرور بسرعة إلى التنفيذ على الميدان بدل إضاعة الوقت في الكلام الذي يتحوّل أحيانا إلى ثرثرة مُملّة وإلى سعي محموم لربح الوقت قبل مغادرة المسؤولية بأخف الأضرار. فالثابت أن ذلك لن يُخلّف سوى حالة من السخط والغضب لدى الرأي العام، قد يتحوّل مع تقدم الأيام إلى احتقان شديد، تبعاته معلومة..
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك