مع الشروق..السياسيون والثبات على المواقف..!

مع الشروق..السياسيون والثبات على المواقف..!

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/05

في الفترة الأخيرة تعددت مواقف السياسيين وتلونت دون أن تتضح من ورائها حقيقة نواياهم ومخططاتهم. وأكثر من ذلك فقد بدت هذه المواقف غير ثابتة وتتغير احيانا بين الصباح  والمساء فتكون في اتجاه وسرعان ما تتغير نحو الاتجاه الآخر. 
ورغم أن العمل السياسي يقوم عادة على ثوابت وعلى مواقف مبدئية وفق ما يحمله السياسي أو حزبه من فكر إلا أن أغلب السياسيين في تونس اليوم لم يحترموا هذه القاعدة. وشوهوا بذلك العمل السياسي الحقيقي. فقد تحولت لديهم الممارسة السياسية إلى ما يشبه النشاط التجاري الذي لا يعترف فيه التاجر بغير تحقيق الربح والحال أن كل من يختار العمل السياسي عليه التفكير اولا وقبل كل شيء في المصلحة الوطنية. 
فأغلب السياسيين والأحزاب اليوم في تونس اصبحوا لا هم لهم غير حماية مصالحهم الضيقة وتحقيق الارباح الشخصية حتى ولو تطلب منهم ذلك التلون في المواقف وتغييرها بين عشية وضحاها غير عابئين بالمبادئ التي بنيت عليها أحزابهم وغير محترمين لمشاعر ناخبيهم الذين صوتوا لفائدتهم بناء على قناعات معينة ولا للوعود التي قدموها بمناسبة الحملات الانتخابية..
وقد اتضح كل ذلك في الفترة الأخيرة وذلك من خلال ما يحصل من سياحة حزبية أو برلمانية ومن خلال التحالفات التي تُبنى سواء تحت قبة البرلمان بمناسبة التصويت أو داخل الائتلاف الحكومي. ومثل هذه المظاهر أصبحت تزعج المواطن الذي أصبح في حيرة من أمره. وهو يتابع تصريحات السياسيين أو تصرفاتهم المختلفة. حيث لم يعد يعرف حقيقة التحالفات بين السياسيين  أو بين الأحزاب. ولم يعد يعرف من يتبنى هذا الموقف ومن يتبنى الموقف الآخر المخالف خاصة بالنسبة للمسائل الكبرى التي تتطلب ثباتا في الرأي وفي الافكار وقناعات لا تتغير..
كل هذه المظاهر لا تعكس سوى عدم النضج السياسي للطبقة السياسية الحالية ولهثها وراء مصالحها ولو كلفها ذلك التصرف الغموض. وهو ما ظهرت نتائجه اليوم على أرض الواقع من خلال  حالة الفوضى السياسية التي اصبحت سائدة وتسببت في استفحال الازمة الاقتصادية والاجتماعية. 
ومن يوم الى آخر يتأكد أن عدم نضج الطبقة السياسية وعدم ثباتها على مواقف واضحة وصريحة وعدم اهتمامها بالمشاغل الحقيقية للمواطن كل ذلك أصبح ظاهرة خطيرة في تونس . والخوف كل الخوف أن يتواصل المشهد على ما هو عليه في الفترة القادمة التي تحتاج فيها البلاد إلى أكثر ما يمكن من صلابة سياسية وحزبية خصوصا في ظل النظام البرلماني الذي يجري تطبيقه اليوم والذي يتطلب أحزابا قوية وصلبة ثابتة في مواقفها ونزيهة وشفافة تجاه ناخبيها وتجاه  المصلحة الوطنية العليا. وليست أحزابا هشّة وخاضعة لإملاءات وضغوطات أحزاب أخرى وفق تحالفات المنفعة والمصالح الضيقة. فالتلون وتغيير المواقف والخضوع للضغوطات والإملاءات لا تخلف سوى سياسيين غير جديرين بالاحترام ويتهددهم عقاب الناخب في الاستحقاقات القادمة والبعض الآخر يتهدده الاندثار والتفكك الحزبي...
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك