رئيس الإتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة: كيف يمكن ان نستفيد من ازمة كورونا؟

رئيس الإتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة: كيف يمكن ان نستفيد من ازمة كورونا؟

تاريخ النشر : 12:47 - 2020/05/22

مع تزايد وتعقد الإجراءات لمواجهة تفشي جائحة كورونا، بدت الأزمة بمثابة "اختبار هائل" للدولة والمجتمع، في ظل حالة الصدمة والخوف التي يعيشها العالم بأسره. ولتخطي هذا الإختبار العسير بنجاح، أعتقد أنه يتعين على كافة أطراف "العقد الاجتماعي" ومن ضمنها الإدارة العمومية، العمل معا على إيجاد أرضية جديدة، بمناهج وأساليب جديدة تمكن من التعاطي العقلاني والناجع مع هذا الواقع الجديد.

إننا اليوم أمام فرصة هامة وتاريخية لإعادة صياغة أسلوب إنتاج الثروة وإستبداله بمقاربات أكثر شجاعة وأكثر مسؤولية وأكثر شفافية وأكثر تشاركية.

مقاربات تقوم على الإنصات الواعي والمسؤول لمشاغل وإنتظارات المواطنين والمؤسسات وكذلك الإداريين حتى يمكن صياغة المعادلة المنشودة. فالحرص على استمرارية المرافق العمومية بالجودة والسرعة والشفافية المطلوبة مع المحافظة على صحة وسلامة العاملين بالإدارة ووقايتهم من انتشار الجائحة، يقتضي بالضرورة وإعادة تنظيم العمل وإعادة توظيف الأعوان بتمكينهم من العمل عن بعد كلما كان ذلك ممكنا، وإعتماد نظام التناوب في الحضور بين الموظفين الذين يقومون بنفس المهام في نفس المصالح، دون أن يؤثر ذلك سلبا على السير العادي للمرافق العمومية. كما يتّجه أيضا، قصد الإستفادة من جائحة كورونا، تعميم الإدارة الإلكترونية لإسداء الخدمات عن بعد لكل طالبي الخدمة الذين يمكن لهم قضاء شؤونهم على الخط، مع الحرص على إيجاد الأرضية والإمكانيات اللازمة لتمكين كافة الأطراف من ولوج مؤمن وناجع وسلس للخدمة العمومية عن بعد.

وقد أثبتت كافة التجارب في العالم أن إعتماد الإدارة الإلكترونية يتيح هامشا واسعا لتكريس مناهج وأساليب العمل عن بعد أو الإنتاج على الخط بإستخدام تقنيات المعلومات في التسيير العمومي، وخاصة في أوقات الأزمات وذلك للإعتبارات التالية:

- إن المعلومات عنصر هام وحيوي في العملية الإدارية حيث تتوقف نجاعة السياسات العمومية وفعالية التسيير الإداري على مدى توفر المعلومات الصحيحة بصفة مسترسلة والتي تستند إليها الإدارة في رسم سياساتها واتخاذ قراراتها في مختلف المجالات لا سيما ونحن إزاء جائحة كونية، تقتضي مواجهتها توفر أقصى ما يمكن من المعلومات الصحيحة والمحيّنة.

- إن التدفق السلس والشفاف والمستمر للمعلومات هو أساس بناء الهياكل التــنظيمية وتنسيق علاقات العمــل في المنظمات والأجهزة المعاصرة، حيث لم يعد التخصص الوظيفي لوحده كافيا لذلك كما كان الحال في الأجهزة والبنى والمنظمات التقليدية.

- إن نظم المعلومات وأساليبها المتطورة هي الركيزة الاستراتيجية للإدارة في مواجهة المتغيرات والمخاطر والتحديات المفاجئة، واستثمار وتفعيل الطاقات المتاحة لتحقيق وتنمية قدرات عالية للتحكم في الأزمات وإدارتها، ومن ثمة فهي تساعد الإدارة في التكيف مع المتغيرات وتطوير وظائف إسداء الخدمة أو الإنتاج واستحداث الخدمات والمنتجات الجديدة وتحديث أساليب بذلها وإيصالها لطالبيها.

- تسهم تقنيات المعلومات في تعديل أساليب أداء الموارد البشرية لمهامها ووظائفها بفضل استخدام آليات وأدوات معلوماتية واتصالية مبتكرة تزيد ارتباطهم واتصالهم ببعض، وترفع من درجة إطلاعهم على المعطيات وسهولة نفاذهم للمعلومة، كما تساعد على الإقتصاد في الكلفة والوقت والمسافة.

- وبالإضافة إلى كل ذلك تلعب وسائل الإتصال والتواصل الحديثة دورا محددا في تكريس وتنمية وتنشيط ذاكرة الإدارة أو المنظمة وقدراتها المعرفية - كما تسهم تقنيات المعلومات في إنشاء أنماط جديدة من الهيكلة التنظيمية تقطع تدريجيا مع الأنماط التقليدية، وتتسم بالحركية والانفتاح وبذلك تؤدي إلى تخفيض حجم الجهاز الإداري والتحكم في النفقات، وتساعد على إرساء اللامركزية بتأمين المرونة والسرعة على مستوى تفويض السلطة وجعلها أكثر شفافية وديمقراطية، وبناء على كل ذلك، فإن الإدارة الإلكترونية تمثل وسيلة هامة في المساعدة في اتخاذ القرار بتوفير المعلومات بين يدي متخذي القرار بصفة دائمة ومسترسلة مع تجاوز مشكلة البعدين الجغرافي والزمني بما يمكّن من الحد من تنقل الأشخاص وإختلاطهم ببعضهم وبالتالي الحيلولة دون إنتشار العدوى وتفاقم الأزمة.

كما تساهم في تكريس الاستخدام الأمثل للوقت والمال والجهد، بتكريس مفهوم جديد ومتطور «اتّصل ولا تنتقل". كل هاته الحلول وكثير من التدابير والحلول الأخرى ستمكن بالتأكيد، في حال تجسيمها، من الإستفادة من جائحة الكورونا وتحويلها من "ألم" إلى "أمل"، شريطة أن يتم إعتمادها بصفة تشاركية وشفافة تضمن للموظف العمومي تأدية عمله بالجودة والسرعة والشفافية المطلوبة بعيدا عن خطر العدوى وتتيح للمواطن وللمؤسسة الولوج إلى الخدمة العمومية بأيسر السبل وفي أسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف.

عبد القادر اللباوي

 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

-إذا كان الوعي من أعمال العقل،وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا،وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحي
09:16 - 2024/04/15
مرّت ذكرى يوم الطفل الفلسطيني الموافق للخامس من شهر افريل هذه السنة في ظروف صعبة لواقع الطفل الفل
09:16 - 2024/04/15
بقلم: محمد سعد عبد اللطيف (مصر) كاتب وباحث مصري ومتخصص في علم الجغرافيا السياسية
09:16 - 2024/04/15
ذكرى تونسة الأمن  هي ذكرى خالدة وعزيزة على كل التونسيين، تضاف إلى الذكريات الوطنية الأخرى في تونس
07:00 - 2024/04/14
بحسب رأيي وفي الوقت الحالي وأمام أهوال ما بلغه العدوان الصهيوني على شعبنا وأراضينا الفلسطينية الم
23:29 - 2024/04/10
قال: لولا التقلبات السياسية في أوروبا والتهديدات الألمانية لفرنسا سنة 1938 لتم الحكم على الزعيم ب
07:00 - 2024/04/08
لوقت غير بعيد و تحديدا ما قبل سنة 2011 كانت السياحة في تونس أول مموّل للمالية العمومية من العملة
07:00 - 2024/04/08