الفساد في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الأجتماعية.... فزّاعة!

الفساد في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الأجتماعية.... فزّاعة!

تاريخ النشر : 13:47 - 2020/01/24

بلغ الفزع على شبكة التّواصل الاجتماعي مداه بنشر جدارية قتالية مفادها اكتشاف نووي لفساد إداري ومالي بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية تسبّب في عجز مالي يفوق المخيال الاجتماعي، حيث يتجاوز 400 مليون دينار نتيجة التقصير في آليات الاستخلاص والجرايات وتأجير الموارد البشرية مردّها ضعف الحوكمة والرقابة والاخلالات الجسام  في التصرف الإداري والمالي.
وبالإبهار في نشر الخبر، أفردته الدوئر الماورائية بربط هلامي يعود إلى تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لسنة 2018 بما لا يترك مجالا لحق الرّد أو الدحض أو حتى الدعوة إلى إعمال العقل ونبذ الإثارة وردود الفعل العاطفية  (Réactions émotionnelles).
وبالعودة إلى التقرير المذكور الوارد في 522 صفحة مطوّلة نشرت في شكل قنبلة موقوتة استهدفت المرفق العمومي واستأثرت بالحُنق على المؤسسات العمومية التي أصبحت "حصان طروادة" و"البهيم القصير" ببلاغة التونسيين أمام كل الهيئات الرقابية والدوائر القضائية في غياب إرادة سياسية تعللت بها من حسن الطالع نفس الهيئة التي لم تكلّف نفسها عناء الاطلاع على ردود المستهدف ومجلس إدارته وسلطة إشرافه وهياكله الإدارية والممثّلة.
وقد  اعتمدت الهيئة النسخ الخام أو الصفر ولم تتجاوز اتهاماتها المجانية الصفحة أو 4 فقرات عجاف استأثرت برأي عام افتراضي يقتنص الإثارة والتشفّي ولعب دور الرائش وهو الوسيط بين المرتشي والراشي.
والأصل كما ورد بالفقرة الثانية الخاصة بالمؤشرات والتقارير الوطنية لا يتجاوز الاستعانة بما توصلت إليه التقارير الصادرة عن دائرة المحاسبات وهيئة الحقيقة والكرامة (هكذا !).
صفحة ونيف من تقرير نمطي متكلّس من حيث الشكل والتوقيت والإخراج تكفي للعصف بمرفق عمومي يتصرّف في حوالي 5 آلاف مليون دينار سنويا لفائدة ما يقارب 750 ألف نشيط و370 ألف صاحب جراية أي  ما يفوق مليون مستفيد بما يعادل 40 % من سكان تونس (حتى بلوغ مقام المواطنة) إذا اعتبرنا أنّ الخلية العائلية تفوق 4 أنفار وفق تذرر العائلة البيولوجية التونسية.
نسوق أرقاما ومؤشّرات تساهم في تحطيم مطرد لما رسخ فينا من معنويات وتقدح في هياكلنا (خاصة مجلس الإدارة الممثل لكل المتدخلين والأطراف الاجتماعية) وكفاءات الإدراة التونسية التي أعتزّ بروح الانتماء إليها بعد الإحالة على شرف المهنة ونبكي بعد ذلك على انحدار مستوى المرفق العمومي المعروض للمقايضة والارتهان والبيع ولم يعد له من ضامن أو كفيل سوى وعي المنظمّة النقابية الداعية إلى ضرورة التأهيل وإرساء قيم الحوكمة وضمان حقوق  العاملين وعدم استنزاف الموارد الوطنية بخوصصة مشبوهة نعلم جيدا مصلحة دوائر النفوذ المالي على المستويين الداخلي والخارجي في دفع وتيرة ما يسمى بالإصلاح الهيكلي باتجاه غير مأمون العواقب على مصير الطبقات الوسطى والضعيفة الدافعة لضريبة الرسلمة والعولمة خارج معادلة النمو المتكافئ.
أهيب بكم جميعا أن تطّلعوا  قبل النشر والدفاع عن حقكم في الّنفاذ إلى المعلومة وضمان حق الرّد والابتعاد عن الاتهامات الجزافية الرامية إلى خدمة أغراض تدعون دحضها وتجدون أنفسكم ضحايا ردود فعل انفعالية وعاطفية منافية للعقلانية والفكر النقدي البناء أساس الإصلاح ومقاومة الفساد (دون شحنة أخلاقية دينية) حتى لا نكون ضحية ما أسماه أحد الرّموز الحقوقيين في تونس الأستاذ حسيب بن عمار حين نبّه من صلفين إذ قال " رُدّوا بالكم من الاسلاميين والقانونجّية"
ونظرا لما لهياكل الرقابة والتدقيق من أهمية في إصلاح آليات التصرف في الأموال العمومية فان حسن توظيف مأمورية التفقد تستوجب حسب تقديري ضمان الشروط الموضوعية التالية:
النأي بتقارير التفقد عن استغلال الفضاء الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي واحترام حق الرد قبل ضمان حق النفاذ إلى المعلومة التي يجب أن تكون مدققة وصحيحة دون إثارة أو تشهير.
إرساء مبادئ الحكومة بتعصير الادارة ورقمنة المعطيات وتحسين المرجعيات وتامين التوثيق. ويندرج هذا التوجه ضمن الشراكة بين القطاعين العام والخاص واستغلال عروض التعاون الدولي عبر الاستثمار في التكوين وتطوير الكفاءات وتعصير النظم المعلوماتية.
الناي بمأموريات التفقد والرقابة عن التوظيف السياسي المناسباتي بالتوقيع عن ميثاق أو لائحة شرف تضبط قواعد مهنة التدقيق ودور السلط الادارية والهياكل الرقابية بضمان هدف الإصلاح داخل دائرة الخطة الوطنية للتعديل والمراجعة ومقاومة الفساد تحت يافطة الإرادة السياسية المغيبة حاليا.
استغلال تقارير الرقابة من أجل الإصلاح بعقد مؤتمر وطني وميثاق عمل يرسم أهدافا وطنية حسب المعايير الدولية والمبادئ الدستورية وفي إطار الحوار الوطني بين الأطراف الاجتماعية الملزمة بالعقد الاجتماعي.
أما الوقوف عند تسجيل الإخلالات ونشرها خارج أطرها الرسمية فان النتائج لن تكون سوى انتكاسية تزيد في عزوف المواطن عن الشأن العام السياسي وتحيله إلى مصيدة الإعلام الموجه دون حرفية أو أخلاقية المهنة.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

الإهداء: إلى الشهداء أكرم ما في الدنيا وأنبل بني البشر،وإلى الشرفاء الأحرار وزينة الحياة،وبناة ال
07:00 - 2024/03/24
لا شك أن المقاومة في #فلسطين بتاريخها الضخم على مدى قرن، وبتعدد تجاربها وأنماطها ومشاربها ومرجعيا
08:34 - 2024/03/18
  الحلقة الأولى: طوفان الأقصى يعرّي إدارة التوحّش الجديدة
08:34 - 2024/03/18
الإعلام كما هو معلوم له عدة أهداف، منها أهداف أخبارية، تثقيفية، ترفيهية وتوجيهية، وجميع هذه الأهد
08:34 - 2024/03/18
تنتهي الابادة الجماعية المادية بالشهادة، فبم يا ترى تنتهي الإبادة الروحية!
22:13 - 2024/03/14
للمتوسط أهميته العظمى من جميع النواحي، الإقتصادية، والإستراتيجية، ومن خلال ذلك أصبح الإهتمام السي
08:59 - 2024/03/11