مع الشروق ..نتنياهو ولعبة حافّة الهاوية في رفح

مع الشروق ..نتنياهو ولعبة حافّة الهاوية في رفح

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/07

كمقامر رمى كل أوراقه على الطاولة و ظلّت ورقة أخيرة في يديه، يلعب نتنياهو لعبة حافة الهاوية في رفح، المدينة التي باتت مفتاح النصر والهزيمة في مخيّلته و مفتاح السّلم والحرب في نظر الجميع.
نتنياهو الذي فشل وكيانه المغتصب في توقّع واحتواء هجوم السابع من أكتوبر، ثم فشل فشلا ذريعا في تحقيق أهداف حرب الإبادة التي رسمها لها وارتكب فقط مجازر مروّعة لا تزال متواصلة، يبحث عن نصر موهوم لا يوجد إلا في خياله وشرذمته من ائتلافه الحكومي المتطرّف.
في حقيقة الأمر-نتنياهو- في مأزق استراتيجي، فمن جهة يريد إرضاء المتطرّفين في ائتلافه الحكومي المتعطّشين للدماء وللمجازر من خلال شن عملية برية في مدينة رفح، التي تعجّ بنحو مليون ونصف نازح ويرفض العالم أجمع تقريبا القيام بها.
ودون ذلك يتوعّده بن غفير وسموتريتش بإسقاط الحكومة، وبالتالي القضاء عليه سياسيا، ففي اليوم التالي لإسقاط حكومته ستكون المحاكمة القضائية السياسية والعسكرية بانتظاره داخليا وأيضا المحاكمة الدولية على الجرائم المرتكبة في القطاع.
ومن جهة أخرى فإن شن عملية عسكرية في رفح سيكون بمثابة الانتحار والضربة الاستراتيجية الأخيرة، ليس لنتنياهو فحسب وإنما للكيان الصهيوني أيضا، فعسكريا يحذّر قادة صهاينة عسكريون من فخ استراتيجي وكمين مميت تنصبه المقاومة للاحتلال في رفح، أما سياسيا فاجتياح رفح سيكون مكلفا جدا من ناحية المجازر التي سترتكب و التي ستزيد من عزلة الاحتلال دوليا.
تفهم المقاومة وقائدها السنوار تحديدا، أن النصر لصاحب النفس الطويل في وجه سياسة التدويخ" التي يتّبعها الكيان الصهيوني منذ نشأته في هضم حقوق الفلسطينيين وآخر ذلك كان اتفاقية "أوسلو".
لذلك أدارت المقاومة بحكمة وحنكة ونظرة استراتيجية عملية التفاوض، وفي اللحظة الحاسمة سحبت منه آخر أوراقه، بإعلانها قبول المقترح المصري لوقف إطلاق النار وبالتالي وضع "قنبلة موقوتة" في حضنه.
فقبول المقاومة بالمقترح المصري لوقف إطلاق النار، يزيح عن المقاومة كل الاتهامات الصهيونية والأمريكية بتعطيلها صفقة الهدنة وبالتالي الكرة أصبحت في ملعب نتنياهو، وأيضا وضعت نتنياهو وجها لوجه أمام الداخل الصهيوني المنقسم والمتشرذم بين من يريد الصفقة ومن يريد الحرب.
ورفض نتنياهو للصفقة بعد موافقة المقاومة عليها، سيضع نتنياهو بين مطرقة الضغوط الدولية لوقف اجتياح رفح ومن ثمّة وقف الحرب، وسندان الداخل الصهيوني خاصة عائلات الأسرى التي تنادي بضرورة قبول الصفقة حالا.
الكرة الآن في ملعب نتنياهو، وقبوله بالصفقة مأزق ورفضه لها مأزق أكبر، وفي كلا الحالتين فإن المقاومة أنجزت نصرا سياسيا مبهرا سبقه ولا يزال نصرعسكري تاريخي وإن كان بثمن قاس.
رحلة المقامر نتنياهو تبدو في أمتارها الأخيرة، وقد تكون نهاية مأساوية له وللكيان الصهيوني الذي أسقط عنه "طوفان الأقصى" كل أساطيره العسكرية و الايديولوجية وتركه عاريا تماما أمام كل أكاذيبه وضعفه.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك